النظريات الحكيمة والأسس الواقعية التي بني عليها، وبكشف مصالح الناس العامة والخاصة المرتبطة بتحقيقه، وبمقارنته بالنظم الأخرى الإنسانية، التي لاحظت جانباً من مصالح الناس، وأهملت جانباً، ولم تعترف بالله الخالق البارئ المصور حاكماً للناس مشرعاً.
وعقب استكمال تحقيق هذا الشرط تأتي مرحلة تحويل واقع المسلمين المرقع الملفق، البعيد عن تطبيق نظام الإسلام تطبيقاً صحيحاً شاملاً، وذلك بحمل المسلمين على تطبيقه بسلطان العقيدة وسلطان القانون والحكم.
أما سلطان العقيدة فله في داخل قلوب المسلمين ونفوسهم قوة دافعة وقوة رادعة، وله من دعاة الإسلام الموجهين قوة مذكرة.
وأما سلطان القانون فيتولاه الحكم الإسلامي المؤيد من جمهور المسلمين، الرادع بسيف العدل، والملزم بقوة السلطان.
وحينما يتبنى الحكم الإسلامي تطبيقه، فلا بد أن يطرح الصيغة القانونية الجديدة للنظم المالية، بعد أن توضح على أسس إسلامية بحتة، مع العلم بأن أسس النظام الإسلامي المتعلق بشؤون المال تتسع لأي شكل تطبيقي متطور، يتضمن تسهيل أعمال الناس المالية، وتنشيط تقدمهم المدني، وازدهار واقعهم الاقتصادي، وانتعاش واقعهم الاجتماعي، ومسايرة ركب المدنية الحديثة، في أحسن صورة من صور تقدمها، مع الخلاص من عيوبها، والسلامة من آفاتها وانحرافاتها شرقية كانت أو غربية.
وتسليح المسلمين بالقناعات الفكرية الراقية التي تجعلهم واعين لنظام الإسلام تمام الوعي، لا يكفي فيه مجرد إثارة العواطف الإسلامية العامة، والبكاء على أمجاد المسلمين المضيَّعة، وتوجيه اللوم والنقد للجماهير المسلمة البعيدة عن تطبيق الإسلام، ولكن لا بد مع ذلك من تجنيد الطاقات الفكرية في العالم الإسلامي بكل الوسائل الممكنة، للقيام بعملية تسليح المسلمين بهذه القناعات.
ليس نظام الإسلام المتعلق بشؤون المال من التعقيد بشكل يستعصي على