إذا لم تجد لدى القيام برسالة الجهاد المقدس الوسائل الهينة اللينة البيانية والتربوية والترغيبية المختلفة، دعت الضرورة إلى اللجوء إلى وسائل أخرى تترقى فيها أساليب العنف شيئاً فشيئاً، مع ضبط النفس وعدم اتباع الهوى، والرغبة بالانتصار لله فقط، دون تدخل عوامل نفسية أخرى.
فمن هذه الوسائل استخدام القوة، ويكون ذلك بتسخير قوة السلطان المعنوية ثم المادية لهداية الناس إلى الخير، وإلزام المنتسبين إلى الإسلام أو الخاضعين له بتطبيق أحكامه، ولاستخدام قوة السلطان وجوه تطبيقية كثيرة جداً:
منها إصدار القرارات والتنظيمات، وتوجيه الأوامر المكتوبة، وترتيب الجزاءات المعنوية والمادية، واعتبار الالتزامات الدينية جزءاً من الكفاءات التي تدخل في شروط التوظيف والترقيات، واعتبار عدم الالتزام بها إخلالاً بالوجبات المسلكية التي تستدعي الإنذار ثم المعاقبة، ومنها تنفيذ الأحكام الشرعية على الجناة والمجرمين، إلى غير ذلك من وسائل كثيرة.
وقد يغدو فريق من مخالفي الإسلام أعداءٌ متربصين أو محاربين، لذلك يجد حملة الجهاد المقدس أنفسهم أمام أمرٍ لازب، إنهم دعاة هداة، ولكن فرض عليهم المخالفون المعادون أن يتخذوهم أعداءً. لذلك كان لا بد لحملة لواء الجهاد المقدس من اتخاذ وسائل الدفاع الكافية، والمبادهة في بعض الأحيان قبل المباغتة، مع التزام شروط رسالتهم الربانية التي يضطلعون بمهماتها، ويكون ذلك بأمرين:
الأمر الأول: إعداد المستطاع من القوة، والاجتهاد في إعدادها حتى تربو على قوة العدو، من مالٍ وسلاحٍ ورجالٍ وخبراتٍ وغير ذلك. قال الله تعالى في سورة (الأنفال/8 مصحف/88 نزول) :