الشعوب التي دخلت إليها حركة الإصلاح. وأما الذين لم يستجيبوا فلم يقترف المسلمون تجاههم ذنوباً تستحق أن يقابلوا عليها بالكره والحقد والبغضاء، لكن الجاهليات الأنانية جعلتهم لا يعترفون بالأخوة الإنسانية، ولا يتقبلون مبادئ الإصلاح والخير التي جاءهم بها دعاة من غيرهم، فكرهوا وأبغضوا وحقدوا، وورثوا ذلك لأبنائهم وأحفادهم، واتبعوا المفاهيم الجاهلية، التي لا تتجاوز حدود الدوائر الأنانية الضيقة والعصبيات المقيتة.
وكم تعرض المسلمون في قرون الضعف والتجزئة لعداء شديد، وكيد مديد، من وارثي كراهية وحقد وبغضاء.
7- الرغبة بإرضاء نوازع الحسد
ومن البواعث النفسية الأنانية التي تدفع مجرمي التسلط المادي المدنس بالانحرافات الخلقية، إلى العدوان على غيرهم من الأمم والشعوب، داء الحسد الذي يأكل قلوب طائفة من الناس.
ومعلوم أ، هاذ الداء القبيح، متى استحكم في قلوب الحاسدين، لا تتحقق رغباته إلا بإزالة كلّ أسباب الن عمة التي يتمتع بها المحسودون.
ثم لا يقف داء الحسد عند حدود الأماني، ولكنه ينتقل إلى مباشرة الأسباب المادية لتحقيق رغباته الحقيرة، وذلك عند شعور الحاسد بأن لديه من القوة المادية ما يستطيع أ، يزيح به من الوجود مثيرات حسده، مهما كان نوعها، إما بسلب أسباب النعمة من صاحبها وإضافتها إلى نعمه، وإما بحجبها عنه، وإما بإتلافها وإزالتها من الوجود.
إلا أن المؤمنين بالله حق الإيمان، الراضين بقسمته وعدله، إذا مسهم طائف من شياطين الحسد تفجرت في قلوبهم ينابيع ذكر الله، وامتدت أمام بصائرهم آفاق المعرفة، وتدفقت عليهم فيوض العلم، فأدركوا سر الابتلاء في هذه الحياة الدنيا، وأبصروا حكمة الله، فاطمأنت بها قلوبهم، وعظمت بها قناعتهم، ثم جاءهم من الله شفاءٌ لما في الصدور.
ويمكن أن نضع لهذا الداء وآثاره قانوناً نفسياً يستند إلى عناصر ثلاثة: