الأساس الثالث: إلغاء الأنانيات على اختلافها أمام مبادئ الإصلاح والخير، ومكتشفات العلم ومنجزاته.
ويقتضي هذا الأساس، أن يتقبل الذين تأثروا بالتربية ألإسلامية المثلى كل مبادئ الإصلاح والخير، وأن يمتصوا بسرعة كل مكتشفات العلم ومنجزاته، ولو حملها إليهم أقل الناس مكانة اجتماعية بين الأمم، وقاعدتهم في هذا ما جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "الكلمة الحكمة ضالة الحكيم، فحيث وجدها فهو أحق بها".
وكلمتهم المأثورة في ذلك "خذ الحكمة من أي وعاءٍ خرجت".
ومع تمثل هذه الأسس الراقية تنعدم معظم عوامل الكراهية والبغضاء والحقد، التي لها في معظم الأمم والشعوب رواسب موروثة، مع أنها غير ذات أساس منطقي مقبول، لدى التقويم الفكري السليم.
وكم تعرضت الإنسانية لآلام كثيرة، وحروب بشعة حقيرة، وألوان شتى من العدوان والظلم التي لا دافع لها إلا مخزونات كره وحقد تغلغلت في النفوس، تكاثرت عن طريق التوالد الذاتي البحت، وورثها الأبناء والأحفاد عن الآباء والأجداد، وحينما نرجع إلى أصولها الأولى نجد أنها ناتجة عن رعونة وطيش، وأنانية وأثرة، أملتها عادات وتقاليد جاهلية، تحمل الجماعة وزر مذنب منها، ولا تفهم معنى الأخوة الإنسانية ولا تشعر به، ولا تعترف بأي إصلاح أو خير أو علم، ما لم يكن صادراً عنها أو منسوباً إليها.
وقد صادفت حركة الإصلاح ونشر الخير والعلم على أيدي المسلمين موجة عنيفة مضادة من الكره والحقد والبغضاء وعند بعض الذين رفضوا الإسلام، وقد اختزن طاقة هذه الموجة فئات من الناس، فورثوها لأولادهم وأحفادهم. أما الذين استجابوا لدعوة هذه الحركة فقد اندمجوا بسرعة في صفوف المؤمنين المصلحين، فقبلوا الإسلام، ورضوا به ديناً ونظام حياة، فسعدوا به، ولم يجدوا في نفوسهم أي حرج، وهؤلاء هم النسبة الغالبة من