نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 157
أهلية الإفتاء من حيث الجهة، هذا من جهة الصلاحية للإفتاء في مسألة معينة، أمَّا من جهة صلاحية التعين في منصب الإفتاء، أي: في أن يعيِّنَ مفتيًا، فهذا المنصب يحتاج إلى أهلية الاجتهاد على النحو الذي ذكره العلماء، ولا تلازم بين الأهليتين بالنسبة للإفتاء في مسألة معينة، فقد يكون الشخص مجتهدًا الاجتهاد الذي يؤهله للتعيين في منصب المفتي، ويعيِّن فعلًا في هذا المنصب، ولكن لا يكون أهلًا للإفتاء في مسألة معينة لجهله بحكمها، أو لعدم وصوله إلى معرفة حكمها، وقد يكون الشخص أهلًا للإفتاء في مسألة معينة أو مسائل معينة، ولكن ليس أهلًا لأن يعيِّنَ مفتيًا للناس.
شروط أخرى:
212- وقد اشترط العلماء شروطًا أخرى في المفتي ليتمكَّن من أداء وظيفته على نحوٍ جيد وسليم، فقالوا: يشترط فيه أن يكون على قدر كافٍ من اليقظة وجودة الذهن والمعرفة بالناس ومكرهم وخداعهم، حتى لا يقع في هذا الخداع وذلك المكر، وأن يكون صلبًا في دينه لا تأخذه في الحق لومة لائم، وأن لا يتأثر بوعد أو وعيد، وأن يكون على قدرٍ كبير من الورع والزهد ومخافة الله تعالى.
ولا شكَّ أن هذه الشروط ضرورية للمفتي، ولا يسد مسدها أو يقوم مقامها مجرَّد علمه وعدالته الظاهرة، ولكن هذه الصفات لا يمكن معرفتها على وجه جيد إلّا بالعمل وممارسة الإفتاء فعلًا، ولهذا يصعب جدًّا معرفتها ابتداءً إذا أريد تعيين شخص ما في منصب الإفتاء، وعلى هذا يجب على ولي الأمر عند إرادته اختيار شخص ليعينه مفتيًا أن يتحرَّى عن سلوكه وأحواله، والسؤال عنه مِمَّن يعرفه، ويثق بأخباره قبل الإقدام على تعيينه.
وجوب وجود المفتي:
213- وجود المفتي الكفء المستجمِع لشروط الإفتاء من فروض الكفاية، فيجب أن يوجد في كل قرية أو بلدة مفتٍ يقوم بإفتاء الناس فيما يسألون عنه من أمور الدين، أو يعلمهم بها ابتداءً دون أن يسألوه، وقد قال بعض العلماء: يجب تعدد المفتين بحيث يكون في كل مسافة قصر -أي: المسافة التي تقصر فيها الصلاة- مفتٍ واحد.
ولأهمية وجود المفتي في البلد، قال العلماء: إذا لم يوجد مفتٍ في مكانٍ ما حرِّم السكن
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 157