نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 183
فيكون اشتراط العدالة في هذه الحالة لوجوب الحسبة اشتراطًا مقبولًا، أمَّا إذا كان المحتسب فاسقًا غيرعدل فالغالب أنَّ وعظه لا يؤثِّر ولا يقبل فلا يفيد، وإذا لم ينفع وعظه لم تجب عليه الحسبة لفقدان شرط وجوبها وهو العدالة.
أما إذا كانت الحسبة بالقوة والقهر فالعدالة ليست شرطًا في المحتسب لوجوب الحسبة عليه؛ إذ الشرط لوجوبها عليها القوة والقدرة وليست العدالة؛ ولأن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
284- ومع هذا التفصيل الذي بيناه، فإنَّه مما لا ريب فيه أنَّ من المرغرب فيه بالنسبة لجميع المحتسبين أن يكونوا على أكبر قدر ممكن من العدالة وتجنب ما يخدشها، وكلما كان المحتسب أكثر عدالة من غيره، كان كما قالوا: "أزيد في توقيره وأنفى للطعن في دينه"، وتؤثر حسبته وتُقْبَل وإن كانت بالقوة والقهر.
285- خامسًا: العلم، ويشترط في المحتَسِب أن يكون عنده من العلم ما يستطيع أن يعرف المنكر فينهى عنه، ويعرف المعروف فيأمر به، حسب الموازين الشرعية، وبهذا يكون احتسابه عن علم ومعرفة لا عن جهل وتخبُّط، وقد جاء في الأثر: "لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلّا من كان فقيهًا فيما يأمر به، فقيهًا فيما ينهى عنه"، ويدخل في حدِّ العلم المطلوب علم المحتسب بمواقع الحسبة وحدودها ومجاريها وموانعها؛ ليقف عند حدود الشرع كما سنبينه فيما بعد، ولكن هل يشترط في المحتَسِب أن يكون مجتهدًا؟ الجواب بالإيجاب إذا قلنا: للمحتسب أن يحمل الناس على رأيه في الأمور المختلف فيها، أمَّا إذا قلنا: ليس للمحتسب ذك، فالاجتهاد ليس شرطًا، وإنما يكفي أن يكون عالمًا بالمنكرات المتفق عليها، وبالمعروف المتفق عليه، وعدم شرط الاجتهاد هو ما نرجِّحه.
286- وهل يشترط في المحتسب أن يكون عارفًا بالصنائع الدنيوية والمهن والحرف التي يباشرها الناس؟ الواقع أنَّ هذا التساؤل وارد؛ لأنَّ عمل المحتسب يشمل مراقبة هذه المهن والحرف؛ ليتأكد من عدم غشِّ أصحابها واحتيالهم وإضرارهم بالناس، فقد ذكر الفقهاء أنَّ على المحتسب أن يراقب أصحاب المِهَن والصنائِع المختلفة، ويمنعهم من الغش فيها، كما يمنع مباشرتها من قِبَل الجهال بها، ومن البديهي أنَّ ذلك لا يتأتَّى للمحتسب إلّا إذا كان عارفًا بهذه الصنائع والحِرَف، بل ذهب
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 183