responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان    جلد : 1  صفحه : 182
لقومه، كما أخبرنا الله تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} ، وفي الحديث الشريف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رأيت ليلة أسري بي رجالًا تقرض شفاهمم بالمقاريض، فقلت له: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطبأء أمتك الذين يأمرون الناس بالبرِّ وينسون أنفسهم".
281- وقال البعض الآخر: العدالة ليست شرطًا، وإنما الشرط القدرة على إزالة المنكر؛ لأنه ما من أحد إلّا ويصدر منه العصيان، والمعصية تثلم العدالة، فكيف يشترط ما يتعذّر تحققه في المسلم؟ ولهذا قال سعيد بن جبير -رحمه الله تعالى: "إذا كان لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلّا من لا يكون فيه شيء لم يأمر أحد بشيء".
282- والراجح عدم اشتراط العدالة في المحتسب من حيث المبدأ، ومن حيث الجملة دون التفصيل؛ لأن الاحتساب فرض كسائر الفروض الإسلامية لا يتوقَّف القيام به على أكثر مما يتطلبه ويحتاجه هذا الفرض، وليس مما يتوقَّف عليه أن يكون المحتسب عدلًا بالاصطلاح المعروف عند الفقهاء؛ لأنَّ ما يأمر به المحتسب أو ينهى عنه هو من الأمور الحسنة والمشروعة، والحقّ ينبغي أن يُتَّبع ويقبل من قائله بغضِّ النظر عن فعله وسلوكه، وما احتجَّ به المشترطون لا حجة لهم فيه؛ لأنَّ الذمَّ على من يأمر غيره بالمعروف وينسى نفسه إنما استحق هذا الذم بسبب ارتكابه ما نهى عنه، لا على نهيه عن المنكر، وإن كان النهي عن المنكر ممن يأتيه مستقبحًا في النفوس، كما أنَّ أمره بالمعروف دلَّ على قوة علمه، وعقاب العالم وذمه إذا ارتكب المنكر أشد من الجاهل إذا ارتكب المنكر، وعليه فإنَّ الإنكار في قوله: {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} ، إنما كان عليهم بسبب أنَّهم نسوا أنفهسم لا بسبب أنَّهم أمروا غيرهم بالمعروف.
283- ومع ترجيحنا عدم اشتراط العدالة في المحتسب من حيث المبدأ والأصل، إلّا أنَّ العدالة لها تأثير في بعض أنواع الحسبة وفي وجوبها أو عدم وجوبها، ومن ثَمَّ يكون لاشتراط العدالة وجه مقبول، وبيان ذلك أنَّ الحسبة إذا كانت بالوعظ والإرشاد فإنَّ نفعها المرجوّ يحصل إذا كان المحتسب ورعًا تقيًّا عدلًا؛ حيث يكون لكلامه ووعظه -عادة- تأثير في الناس وقبول عندهم، فيتركون المنكر؛ وحيث كان نفع الحسبة مرجوًا بالوعظ ولا ضرر للمحتسب منه كانت الحسبة عليه واجبة،

نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست