نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 199
أرسلهما إلى فرعون أن يقولا قولًا ليِّنًا لعلَّه يتذكَّر أو يخشى.
322- وما قلناه لا يعني أنَّ الرفق هو الأسلوب الوحيد للاحتساب، أو أنَّه لا يجوز تركه في بعض الأحيان، وإنَّمَا يعني ما قلناه التأكيد على الرفق والأخذ به كلما أمكن ذلك، ولا يستعاض عنه بغيره إلّا عند الحاجة أو الضرورة، فمن مجالات الرفق اللازمة للمحتسب إذا غلب على ظنِّه أن المحتَسَب عليه قام بالمنكر جهلًا منه بحكمه، أو استجابة لهوًى عابرٍ، أو لضعف في إرادته، كما أنَّ الرفق يلازم الاحتساب بالتعريف بالحكم، أو بالوعظ والإرشاد، أو التخويف من الله تعالى، فإذا لم ينفع الرفق تحوَّل المحتَسِب إلى الشدة، وكذلك إذا كان المنكر جسيمًا لا يمكن معه الانتظار، أخذ المحتسب بالشدة الكافية لدفعه، ولا يعتبر ذلك خروجًا عن قاعدة الرفق؛ لأنَّ من معاني الرفق الحرص على مصلحة المحتَسَب عليه بإبعاده عن المنكر وتخليصه من المعصية، وما يترتَّب عليه من عقاب.
متى يجب الاحتساب:
323- الاحتساب القلبيّ واجب على كل مسلم في جميع الأحوال إذا ما سمع بمنكره أو رآه كما قلنا.
أمَّا الاحتساب باليد أو بالقول فهذا يجب بالقدرة على هذا النوع من الاحتساب، بشرط أن يأمن المحتَسِب على نفسه من الأذى والضرر، كما يأمن على غيره المسلمين من الأذى والضرر.
وتعليل ذلك أنَّ الخوف من لحوق الأذى والضرر بمنزلة العجز الحسيّ، والعجز الحسي يفوت شرط القدرة، فلا يجب الاحتساب إلّا أنَّه يجب هجران أصحاب المنكرات وعدم مخالطتهم.
هل يشترط الانتفاع بالاحتساب لوجوبه:
324- وإذا توفَّرت القدرة وأمِنَ المحتسب من الأذى والضرر، فهل يشترط الانتفاع باحتسابٍ لوجوب الحسبة عليه؟ قولان للعلماء:
القول الأول: لا يجب الاحتساب، وإنما يستحب عند عدم رجاء الانتفاع، فإذا كان مرجوًّا وجب الاحتساب، ودليل هذا القول ما فهموه من قوله تعالى: {فَذَكِّر
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 199