نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 225
الثاني: أن يكون بيان المسلم لرأيه في تصرفات الحكّام على أساس من العلم والفقه، فلا يجوز أن ينكر عليهم أو ينتقصهم في الأمور الاجتهادية؛ لأن رأيه ليس أوْلى من رأيهم ما دام الأمر اجتهاديًّا.
الثالث: لا يجوز للأفراد إحداث الفتنة ومقاتلة المخالفين لهم بالرأي إذا لم يأخذوا برأيهم، ما دام الأمر يحتمل رأيهم ورأي غيرهم.
تنظيم الشورى في الوقت الحاضر:
358- ذكرنا في الفقرات السابقة السوابق الثابتة في السنَّة النبوية في موضوع الشورى، ومجموعها يدل على أن الشريعة الإسلامية لم تنصّ على كيفية خاصَّة لتحقيق مبدأ الشورى، ومعنى ذلك أنَّها تركت تنظيم الشورى للأمة الإسلامية على النَّحو الذي يلائم ظروفها وأحوالها، ويحقق مقصود الشورى ومعرفة رأي الأمة، وهذا في الحقيقة من حسنات الشريعة واحتياطها للمستقبل، وعلى هذا فيبدو لنا أنَّ ما يوافق العصر الحاضر أن تقوم الأمة بانتخاب أهل الشورى الذين يشاورهم رئيس الدولة، ويعتبرون بنفس الوقت أهل العقد والحل، على أن يكون لرئيس الدولة الحقّ في مشاورة أهل الاختصاص في موضوع اختصاصهم، وأن يكون له الحق في استفتاء الأمَّة في المسائل الخطيرة، وأن يوضع نظام مفصَّل لكل هذه المسائل وغيرها، مما له علاقة في موضوع الشورى في ضوء قواعد الشريعة ومبائدها وأحكامها في نظام الحكم، كما يجب توفير حرية الرأي للمواطنين لإبداء آرائهم في شئون الدولة في الحدود الشرعية، فلا يجوز مثلًا التشهير والطعن والسباب وفاحش الكلام والافتراء والتضليل بحجة إبداء الرأي، فليس من حقِّ أحدٍ أن يشيع الفساد بحجة إبداء الرأي.
والواقع أنَّ مجرَّد وضع الأنظمة لا يكفي لتحقيق الانتخاب السليم، ولا لتحديد حدود الرأي المباح الخالص من الغش والدَّجَل، وإنما الذي يفيد كثيرًا في هذا الباب -مع وضع الأنظمة اللازمة- إشاعة المفاهيم الإسلامية والأخلاق الإسلامية، وتربية الأفراد على معاني العقيدة الإسلامية ومخافة الله وتقواه في السر والعلن، فبهذا يقف الإنسان عند الحدود الشرعية، ويقوم بواجبه على الوجه المرضي، سواء أكان هذا الواجب في انتخاب أعضاء مجلس الشورى أو في قيام هؤلاء بإبداء آرائهم، أو في إبداء آحاد الناس آراءهم فيما يرونه من وجوه المصلحة.
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 225