نام کتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية نویسنده : العمري، نادية شريف جلد : 1 صفحه : 272
العدو، وهو رحيم رفيق لا يعتدي ولا يأخذ على حين غرة، ولا يقتل شيخًا مسنًا ولا امرأة ولا طفلًا ولا آمنًا غير باغ ولا آثم. وشريعة الإسلام في الجهاد شريعة عادلة غير معتدية كغيرها من الشرائع الإسلامية التي جاءت لتحمي لا لتبدد ولتعدل لا لتبغي ولتوحد لا لتفرق ولتنشر السلام والأمن لا لترهب الضعيف الآمن.
لقد ظل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة، يدعو إلى عقيدة التوحيد بالحسنى، ويصبر على أذى المؤذين، واعتداء المعتدين، ولم تمتد يده الشريفة لرد الأذى، أو لدفع العدوان بعدوان مثله، وإنما -صلى الله عليه وسلم- صبر وصابر وحث المسلمين على الثبات والتحمل والدفع بالحسنى، ورد الإيذاء بالقول الحكيم حتى ضاقت نفوس الصحابة رضوان الله عليهم مما عانوا، ومما لاقوا من عنت المشركين ومن مضايقة الضالين ومن اعتداء المعتدين، فما كان منهم إلا أن تركوا الديار والأهل والأوطان، تركوا ملاعب الصبا، ومرتع الشباب، تركوا الأحبة والأصحاب وهان عليهم المال والممتلكات، فهاجروا من مكة إلى الحبشة مرتين فرارًا بدينهم وإيثارًا لما عند الله من ثواب وأجر.
قال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [1], وقال: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [2], وقال جل من قائل: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} [3], وقال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [4].
ونزلت الآيات تترى في تثبيت جنان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي الصبر على تحمل واجبات الدعوة، وفي احتمال الأذى، قال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [5]. وقد كانت الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة تنفذ من وراء الحجب، وتدخل إلى النفوس والقلوب، فتلين لها القلوب وتخضع لها النفوس وتهذب بها الأخلاق وتسمو بها [1] سورة الأعراف/ 199. [2] سورة فصلت/ 34. [3] سورة الفرقان/ 63. [4] سورة الأحقاف/ 35. [5] الآية "125" من سورة النحل.
نام کتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية نویسنده : العمري، نادية شريف جلد : 1 صفحه : 272