والسياسة والاقتصاد والاجتماع والتعليم والثقافة قد اصطبغت جميعها بصبغة بعيدة عن الإسلام مما لا يخفى على مطلع عليم بالإسلام الحق الذي أنزله الله سبحانه وتعالى، ولا يقول عاقل أيضاً إننا نستطيع أن نعود في كل هذه الشؤون إلى شريعة الإسلام بيوم واحد، ومعنى هذا أننا سنقدم ونؤخر في العمل بالشريعة الإسلامية إن كنا ننوي حقاً العودة إلى رحابها، وإذا كنا سنقدم ونؤخر فإن العقل والمنطق والحكمة والسياسة الشرعية كل ذلك يوجب البدء بالأهم، وإذا كنا سنبحث عن الأهم في تطيق الشريعة، فإن إقرار الوحدانية لله سبحانه وتعالى والدعوة إلى ذلك هو أهم المهمات وأولى الأولويات.
وإقرار التوحيد يعني الإعلان بأن الدولة حكومة وشعباً إنما تقوم للإسلام وبالإسلام وهذا يعني أن الجميع في خدمة الإسلام، وأن سياسة الدولة العليا هي في توحيد الله والدعوة إليه ونبذ كل ما يخالف ذلك، ومما يخالف ذلك التسبيح بحمد الملوك والرؤساء صباح مساء، والاحتكام في أي خلاف لغير القرآن والسنة.. إن إعلاناً كهذا يعني بداية للطريق الصحيح في العودة إلى الإسلام يأتي بعد ذلك إقرار هذا المبدأ بالدعوة إليه بحكمة وعلى بصيرة وعلى مكث أيضاً ونعني بالمكث التريث والعمل الدائب المتسم بالصبر والأناة لتربية الناس على الإسلام لا لحملهم عليه بالعصا والإرهاب.. نقول إذا كان الداعون إلى تحكيم الشريعة يريدون الخير حقاً لأنفسهم وللناس فعليهم دخول البيوت من أبوابها والبيت الإسلامي لا يبدأ بتقطيع الرؤوس باسم الإسلام وإنما يبدأ بالدعوة الحكيمة إلى الله سبحانه وتعالى ومن الخير لأمة الإسلام أن يبدأ الحاكم فيها باتباع الحكمة في الدعوة إلى الله، ومن الحكمة إفساح المجال لصوت الحق أن يصل إلى الناس، وستكون أكبر خدمة للمسلمين في العصر الراهن