أتكلم باسم بيغن وتصرف بيغن هذا يخالف موقف أمريكا الوطني" ومفهوم المخالفة لهذا القول يعني أن موقف كارتر الشخصي لا يتنافى مع موقف بيغن وتصرفاته السياسية وبذلك تخلى كارتر عن كل تصريحاته ومواقفه السابقة وتحول من النقيض إلى النقيض. وتشبه مواقف كارتر هذه القصة المشهورة عن القاضي سليم الذي ما كاد يعين قاضياً حتى آتاه رجل فعرض عليه شكوى مؤثرة حزينة فتأثر لها ورأى قبل أن يسمع الطرف الآخر - أن الحق معه فقال له: الحق لك وحكمت لك بكذا وكذا. ولكنه ما كاد يفعل حتى أتى خصمه وقص قصة أشد تأثيراً وأعمل في النفس من قصة خصمه فتراجع القاضي سليم عن حكمه السابق وقال: لا الحق معك أنت وحكمت له بكذا وكذا! ولكنه ما كاد يدخل ليستريح عند زوجته حتى بادرته قائلة: ويحك يا سليم!! كيف تصنع هذا يا رجل. تسمع من الخصم الأول ثم تحكم له. دون أن تسمع من الطرف الآخر ثم تسمع من خصمه وتحكم له. فقال القاضي سليم: الحق معك أنت.
* والآن بصرف النظر عما يقال من تبرير لهذه التناقضات بأنها سياسية أو (دبلوماسية) فإنها توجب علينا أن نراجع حساباتنا مع أمريكا قبل أن تحل الكارثة. وذلك أن سياسة الكذب لا تعتمد على التناقض ولكن على الانسجام فالذين يكذبون في سياستهم يعتمدون تسوية كذباتهم وانسجامها ولذلك فإن تصريحات كارتر المتناقضة ما هي إلا تنازلات حقيقية وتغييرات جذرية لفهمه لقضية فلسطين ومعنى هذا أنه مستعد لتغيير موقفه غدا إذا لاح في الأفق أبواب جديدة من الضغط والتأثير وليس صحيحاً أيضاً أن الرئيس في بلد كأمريكا منفذ فقط لآراء المؤسسات السياسية القائمة بل أن طباع الرئيس ومزاجه وعقيدته ومثالياته وأخلاقه لها تأثير كبير في اتخاذ القرار السياسي في بلد كأمريكا وهذا