القرآن، ولقد وسع صدر المسلمين في تاريخهم الطويل أن يحتو المستأمنين والمعاهدين والمسالمين.. أقول كنا نظن أن هذه الحقيقة (الخطر اليهودي) لا مراء فيها ولا جدال بين رجلين ينتميان إلى هذه الأمة عقيدة وتاريخا وثقافة وعاطفة.. ولكننا نجد الآن أن هذه الحقيقة أصبحت مجال خلاف بل وتضاد.. وقبل سنوات لم يجرؤ أحد أن يقول: نمد يدنا بالصلح والسلام مع اليهود إلا أصوات منكرة من بعض الشيوعيين في فلسطين ومصر، ولقد زين أولئك السلم مع اليهود بما شاءت لهم شياطينهم أن يزينوه ولكننا نجد اليوم رؤساء الدول الإسلامية إلا من رحم الله منهم يزينون لنا السلام ويحسنونه لأممهم بما لم يستطع اليهود أنفسهم أن يفعلوه وكأن السلام مع اليهود أضحى ضالة الأمة الذي تنشده منذ فجر التاريخ..
والنفسية اليهودية التي نجابهها منذ سبعين سنة على أرض فلسطين هي نفسها النفسية اليهودية منذ بدء تاريخهم. فاليهود يحملون أوزار الماضي وحقد القرون وسيظلون يحتفظون بذلك ويحفظونه في صدورهم ما بقوا على الأرض إلا من شذ منهم فليسوا سواء.. وما زالوا ينظرون إلى المسلمين اليوم بمنظار أسلافهم الذين أجلوا عن الجزيرة في خيبر والنضير وقينقاع، وقتلوا في قريظة. بل ويحنون إلى العودة إلى هناك ويسعون لذلك وليس المجال مجال التدليل على ما أقول، وكل قول غير ذلك هراء. بل مازال اليهود ينظرون إلى المصريين أنهم أولئك الفراعنة الذين أذلوهم في مصر وقتلوا أبناءهم واستحيوا نساءهم مع أن المصريين قد انتقلوا بحمد الله إلى الإسلام ولا يعادون اليهود لجنسهم كما كان الفراعنة، وإنما يقاتلونهم الآن وغدا إن شاء الله لخبثهم ومكرهم وظلمهم وتشريدهم لإخوانهم في العقيدة.. والحواجز النفسية التي يبنيها اليهود حول أنفسهم لا يمكن لأحد مهما