الله وجحده والشرك به أكبر الرذائل والتدسية، ولذلك قال تعالى:
{إنما المشركون نجس} (التوبة: 28) .
وذلك لنجاسة قلوبهم ونفوسهم بما تلبسوا به من شرك وجحود ونكران لصفات الله سبحانه وتعالى، وليست نجاستهم لما على أبدانهم من نجاستهم؛ فقد يتطهر كثير منهم ظاهراً، ولكن؛ ما دام أحدهم متلبساً بالشرك والكفر؛ فهو متلبس بالنجاسة المعنوية المدنسة للنفس والشعور.
والعبادات كلها -مالية أو بدنية- ما هي إلا عمليات تزكية؛ لأنها تربط القلب الخالق سبحانه وتعالى، وتذكره به، وبذلك تحصل التقوى للقلب، ومن اتقى وخاف ربه؛ ابتعد عن المحرمات، والمحرمات قاذورات، وفعل الخير طيبة وإحسان وبر وعدل. ولذلك كانت الصلاة على رأس هذه الأعمال؛ لأنها من أنجع الوسائل للوصول إلى هذه التزكية، فتكررها في اليوم والليلة، وذكر الله فيها، وحركاتها تصل القلب حقيقة بالله.
قال تعالى: {إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر} (العنكبوت: 45) .
وذلك لأنها تربي الواعظ وتورث التقوى.
ولذلك أفتى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله بأن الصلاة في الأرض المغصوبة باطلة، وذلك من عظيم فقهه؛ فقد رأى أن قيام المصلي وقعوده وذكره لربه في أرض اغتصبها يدل على كذبه وزوره وبهتانه ونجاسة قلبه؛ لأن هذا لو كان ذاكراً لله حقيقة؛ لما أمسك هذه الأرض التي اغتصبها، بل لأنخلع عنها وردها إلى أصحابها.