فقام صلى الله عليه وسلم بمهمة الدعوة على أكمل وجه وأتمه، إذ كان عليه أن يبلغ رسالة ربه كما أمره: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] [1] .
وكان عليه أن يخرج الناس من ظلمات الجهل والشرك إلى نور العلم والإيمان بإذن الله، قال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: [1]] [2] .
وقد بُعِثَ صلى الله عليه وسلم في مجتمع جاهلي، عبد أهله الأصنام والأوثان، وأعرضوا عن عبادة الله وحده، فكان من حكمته صلى الله عليه وسلم في الدعوة أن قدّم لهم الدِّين الإسلامي كما يُقدَّم العلاج للمريض، فلم يفاجئهم عليه الصلاة والسلام بتسفيه أحلامهم، وشتم آلهتهم، بل دعاهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، متدرجًا معهم في بيان أحكام الله وشرائعه وتطبيقها في واقع الحياة، فكان من نتيجة ذلك أن استجاب الناس لدعوته، فلم تصعد روحه الطاهرة إلى بارئها، حتى أقر الله عينه بإقبال الناس أفواجًا على هذا الدِّين، قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: [1] - [3]] [3] . [1] سورة المائدة، الآية: 67. [2] سورة إبراهيم، الآية: 1. [3] سورة النصر.