ذلك بقوله: " وكذلك تعلّم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج، لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلا، حبب إلى من يدخل فيه وتلقاه بانبساط. . . " [1] .
ذلك أن ترك التشديد على من قرب إسلامه في الابتداء، والتلطف في الزجر عن المعاصي يهيئ النفوس للقبول [2] .
هذا ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم مع مدعويه، وقد شهد بهذا أحد الصحابة الكرام إذ يقول رضي الله عنه: «. . فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني» [3] ولا ضربني، ولا شتمني قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» [4] .
، يقول النووي: " فيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق الذي شهد الله تعالى له به، ورفقه بالجاهل، ورأفته بأمته، وشفقته عليهم، وفيه التخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل، وحسن تعليمه، واللطف به، وتقريب الصواب إلى فهمه " [5] .
والنفوس التي سمعت ولم تقبل كان صلى الله عليه وسلم يهيئها للقبول بشيء مما تحبه النفوس كالعطاء أو غيره، يدل على ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح، ثم خرج بمن معه من المسلمين فاقتتلوا [1] ابن حجر، فتح الباري 1 / 220. [2] انظر: ابن حجر، فتح الباري 1 / 220. [3] الكهر: الانتهار وقد كهره يكهره إذا زبره واستقبله بوجه عبوس. ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 4 / 212. [4] مسلم، صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة (ك5 ح 537) 1 / 381. [5] مسلم، شرح صحيح مسلم 5 / 20.