لنفسي بحق الإنكار عليه، ودعوته إلى الحق في وقت يكون أنسب، وهذا في الحقيقة طريق صحيح، فإن هذا الدين كما نعلم جميعا بدأ بالتدرج شيئًا فشيئًا، فأقر الناس على ما كانوا يفعلونه من أمور كانت في النهاية حرامًا من أجل المصلحة، فهذه الخمر مثلًا بين الله تعالى لعباده أن فيها إثمًا كبيرًا ومنافع للناس، وأن إثمها أكبر من نفعها، وبقي الناس عليها حتى نزلت آخر آية فيها تحرمها بتاتا، فإذا رأى إنسان من المصلحة أن لا يدعو هذا الرجل في هذا الوقت، أو في هذا المكان، ويؤخر دعوته في وقت آخر، أو في مكان آخر لأنه يرى أن ذلك أصلح أو أنفع، فهذا لا بأس به " [1] .
أما إذا كان المدعو كافرًا فإن فضيلة الشيخ محمد العثيمين يرى التدرج في دعوته إلى الشريعة فيقول: " فإذا كنا نريد أن ندعو الكفار وندعوهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه، إذا أردنا أن ندعو شخصا بعينه، فلننظر أيضا هل هو كافر؟ فندعوه إلى أصل الإسلام، ثم بعد ذلك نأمره بالصلاة، ثم بالزكاة، ثم الصوم، ثم الحج. . . " [2] .
ولو اشترط هذا الصنف من المدعوين ارتكاب بعض المخالفات الشرعية مقابل إسلامه، مثل شرب الخمر مثلًا، فإنه يتعامل معه وفق القاعدة الفقهية: [1] محمد بن صالح العثيمين، الصحوة الإسلامية، ضوابط وتوجيهات، جمع وترتيب أبو أنس علي بن حسين أبو لوز، ص 121. [2] مقابلة علمية مع فضيلته يوم الخميس الموافق 21 / 1414هـ مسجلة في شريط محفوظ لدي.