[المسألة الثالثة التدرج في الدعوة باعتبار المدعو]
المسألة الثالثة
التدرج في الدعوة باعتبار المدعو البدء بالأقربين هو ما جاءت به الآيات القرآنية، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث ابتدأ بدعوة الأقربين، وقد فصلنا القول في ذلك في موضعه من هذا البحث.
وحيث إن المدعو هو الإنسان في عصره صلى الله عليه وسلم وفي كل عصر، وقد ابتدأ صلى الله عليه وسلم بدعوة الأقربين بتوجيه من الله تعالى في قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] [1] وقضى فترة زمنية ليست بالقصيرة يدعوهم إلى الله تعالى، وينذرهم عذابه، فدل هذا على أن البداءة بالأقربين مستمرة في كل زمان.
يقول الشيخ صالح الفوزان: " هذا بلا شك أن الإنسان الداعية إلى الله يبدأ أول شيء بنفسه، يمتثل أوامر الله، ويجتنب نواهي الله، قبل أن يدعو الآخرين، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى في نبيه شعيب عليه السلام {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} [هود: 88] [2] .
وكذلك الله جل وعلا عاب على بني إسرائيل: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44] [3] ثم إذا فرغ الإنسان [1] سورة الشعراء، الآية (214) . [2] سورة هود، الآية (88) . [3] سورة البقرة، الآية (44) .