من إصلاح نفسه واستقامتها فإنه يبدأ بأقرب الناس إليه، كما قال الله تعالى لنبيه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] [1] . وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: [6]] [2] . وكما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] [3] . وقال تعالى في حق إسماعيل عليه السلام: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا - وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54 - 55] [4] ويبين فضيلته الحكمة من البداءة بالأقربين فيقول: " لأن الإنسان إذا ذهب يدعو الناس وهو تارك لأقرب الناس إليه ولأهله ولأهل بيته فإن الناس سيقولون: لو كان ما يدعو إليه حقًّا لبدأ بمن هم أقرب الناس إليه، وسيحتجون عليه بأهل بيته وبأقاربه ويقولون: كيف تدعونا وأهلك يعملون كذا؟ وبيتك يعمل كذا؟ ويكون هذا من معوقات الدعوة، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123] [5] .
فأمر بالبداءة بالذين يلون ثم الذين من بعدهم، هكذا يكون الدعوة إلى الله عز وجل، تدرج من النفس إلى الأقارب إلى العشيرة إلى الآخرين " [6] .
فالأصل إذًا في دعوة المدعوين البدء بالأقربين أولا كما فعل صلى الله عليه وسلم، ثم [1] سورة الشعراء، الآية (214) . [2] سورة التحريم، الآية (6) . [3] سورة طه، الآية (132) . [4] سورة مريم، الآيتان (54 - 55) . [5] سورة التوبة، الآية (123) . [6] مقابلة علمية مع فضيلته يوم الجمعة الموافق 7 / 5 / 1414هـ مسجلة في شريط محفوظ عندي.