الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل، وعبد الله بن أبي أمية، فقال: أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله. .» الحديث [1] .
وروى الإمام أحمد «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على الناس بذي المجاز يقول لهم: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» [2] بل مما يؤكِّد أهمية البداءة بالتوحيد استمراره صلى الله عليه وسلم طيلة زمن الرسالة يبدأ بعرض التوحيد أولا، يدل على ذلك قصة إسلام ضمام بن ثعلبة، ووفد عبد القيس، ومكاتبته صلى الله عليه وسلم للملوك يدعوهم إلى التوحيد [3] ثم إرشاده لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يبدأ بالدعوة إلى التوحيد، ونبّه الإمام ابن حجر إلى الحكمة في ذلك فقال: " ووقعت البداءة بهما - أي الشهادتين - لأنهما أصل الدِّين الذي لا يصح شيء إلا بهما " [4] .
الثاني: ولاؤه صلى الله عليه وسلم وبراؤه من أجله، فقد أحبّ قومًا وهم من أبعد الناس عنه نسبا من أجل التوحيد، وأبغض آخرين وهم من أقرب الناس إليه نسبًا من أجله، مقتديًا في ذلك بأبيه الخليل عليه السلام، إذ يقول الله عنه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: [4]] [5] . [1] البخاري، صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " (68 / 4494) 4 / 1788، 1789. [2] أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد ح (16003) 3 / 647. [3] انظر: ابن حجر، فتح الباري 15 / 301. [4] ابن حجر، فتح الباري 4 / 127. [5] سورة الممتحنة، الآية: 4.