الثلاثة في الآية هي النافعة في العلم والعمل [1] فعرض صلى الله عليه وسلم دعوته على الناس بهذه الطرق الثلاث الحكيمة مراعيًا في ذلك ما يقتضيه المقام من معاني الكلام ومن أحوال المخاطبين من خاصة وعامة [2] فالذي له فهم وقصد إذا دُعي بالحكمة وبُيِّن له الحق قَبِل واستجاب [3] فالصديق رضي الله عنه قبل واستجاب حين عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الحق دون تردد يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت - وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله. .» [4] ومن الأدلة على هذا العرض الحكيم ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن ضمادًا قدم مكة وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمدا مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي، قال فلقيه فقال: يا محمد: إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك؟ فقال رسول صلى الله عليه وسلم: " إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد "، قال: فقال أعد كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن [1] ابن تيمية، مجموع الفتاوى 2 / 42. [2] انظر: ابن عاشور، التحرير والتنوير 14 / 330. [3] انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوى 19 / 164. [4] البخاري، صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو كنت متخذا خليلا " (ك 66 ح 3461) 3 / 1339.