واستجاب، فإذا أبت النفوس إلا الإعراض عن الحق والإصرار على الباطل جاءت الموعظة التي تطرق القلب، وتقرع مشاعر الإنسان [1] وجاء الترهيب ليتخذ طريقه إلى القلوب من خلال ما ركب فيها من غريزة الخوف.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر. . . ثم قال صلى الله عليه وسلم: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» . . . الحديث [2] .
وروى البخاري أيضا عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء. .» الحديث [3] .
وتروي كتب التفسير والسير حادثة تصور وقع الإنذار على قلب رجل مشرك حينما استمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ صدرا من سورة فصلت حتى بلغ قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13] فوضع هذا الرجل يده على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم أن يكف مخافة [1] د. عبد الفتاح عاشور، منهج القرآن في تربية المجتمع، ص 249. [2] البخاري، صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك (ك 68 ح 4492) 4 / 1787. [3] البخاري، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي، (ك 84 ح 6117) 5 / 2378.