[المبحث الثالث أسلوب الإلزام]
المبحث الثالث
أسلوب الإلزام بعد أن هزم الله الأحزاب انتقلت الدعوة إلى أسلوب جديد وهو أسلوب الإلزام، حيث ألزم صلى الله عليه وسلم جميع أعدائه الظاهرين بالخضوع لسلطان الدعوة، وقد صرح بهذا بقوله عليه الصلاة والسلام: «الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم» فطوعّ قريشًا بمصالحته، ثم بفتح مكة والقضاء على الوثنية والفتنة، وطوع اليهود بإجلائهم من المدينة ثم غزوهم في خيبر والقضاء على شوكتهم، وفيما يلي شيء من التفصيل حول إلزام هاتين الطائفتين.
أولا: إلزام المشركين: لما كانت قريش قد حملت لواء عداوته صلى الله عليه وسلم، وأعلنت الحرب ضده صلى الله عليه وسلم وهي زعيمة العرب، لتشرفها بمجاورة بيت الله الحرام، والقيام عليه، كان من كمال حكمته صلى الله عليه وسلم حين خرج يريد العمرة هو وأصحابه وبركت ناقته أن عرض عليهم المصالحة فقال: «والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إيّاها» [1] ثم بدأ عليه الصلاة والسلام يبين لمبعوثي قريش هدف مجيئه، ويدعوهم إلى مهادنته فيقول: «إنا لم نجئ لقتال، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، [1] البخاري، صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (ك 58 ح 2581) 2 / 974.