وما عليها» [1] ففي هذه النصوص بيان أنه صلى الله عليه وسلم كان يتألف أناسًا في إيمانهم ضعف، لو لم يعطهم لكبّهم الله في النار [2] وفيه دليل على جواز بذل المال لأهل الجهالة والقسوة وتألفهم، إذا كان في ذلك مصلحة [3] وتألف كل من يرجى بعطائه قوة إيمانه أو إسلامه أو إسلام قومه، أو شيء مما يحصل به الخير للمسلمين [4] .
ومن السبل التي كان يسلكها صلى الله عليه وسلم في تأليف مدعويه الإحسان إليهم بالعفو والامتنان، وذلك من كمال حكمته صلى الله عليه وسلم حيث كان يتألف الناس بما يعلم فيه صلاحهم، فإن كانوا ممن يؤثر المال تألفهم بالمال، وإن كانوا سوى ذلك تألفهم بما يتناسب وحالهم، فكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يتألف بالعفو ممتثلا قول الله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] [5] وقوله سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت: 34] [6] . [1] المرجع السابق، كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال لا وكثرة عطائه (ك 43 ح 2312) 4 / 1806. [2] انظر: النووي، شرح صحيح مسلم 7 / 148، 149. [3] انظر: المرجع السابق 7 / 146. [4] انظر: الفخر الرازي، التفسير الكبير 16 / 111، وانظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 2 / 365، وانظر: السعدي، تفسير الكريم الرحمن 3 / 252. [5] سورة الأعراف، الآية: 199. [6] سورة فصلت، الآية: 34.