الشبان الأفريقين سعيدة، فإنهم لا يتعبون من ترديد القصة القديمة: إن المبشرين جاءوا إلينا وقالوا: إننا نريد أن نعلمكم العبادة. وقلنا: حسنا إننا نريد أن نتعلم العبادة. وطلب المبشرون منا أن نغلق أعيننا، وفعلنا ذلك وتعلمنا التعبد، وحينما فتحنا أعيننا وجدنا الإنجيل في أيدينا، ووجدنا أراضينا قد اغتصبت) [1] .
[التنصير امتداد للحروب الصليبية]
وهذا التنصير الذي يلبس لبوس الشفقة ويظهر الرحمة، ويقدم الدواء، ويعلم الصغار القراءة والكتابة لينهلوا من كفر النصارى ومجونهم وخلاعتهم. . ما هو إلا وجه من وجوه الحروب الصليبية ومظهر من مظاهرها يوضح ذلك ما وصف به الأب اليسوعي مييز سياسية فرنسا الدينية في الشرق حينما قال: (إن الحرب الصليبية التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر لا تزال مستمرة إلى أيامنا. . ولقد احتفظت فرنسا طويلا بروح الحروب الصليبية وبالحنين إلى تلك الحروب حية في نفسها) [2] .
ويقول اليسوعيون في عرض نشاطهم التنصيري: (ألم نكن نحن ورثة الصليبين، أو لم نرجع تحت راية الصليب لنستأنف التسرب التبشيري والتمدين المسيحي) [3] . [1] حقيقة التبشير تأليف أحمد عبد الوهاب، نشر مكتبة وهبة، ص: 133. [2] التبشير والاستعمار، تأليف د. مصطفى خالدي، ود. عمر فروخ، نشر المكتبة العصرية ص: 127. [3] المصدر السابق، ص: 115.