نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد جلد : 1 صفحه : 284
و"ماركس" يعتقد أن جوهر الدولة هو في سيادتها وسيطرتها، وهذا يعني في الواقع القوة البوليسية، والقوة البوليسية تكون حيث توجد طبقات، وما دامت الجماعة الشيوعية طبقة واحد، فلا بد أن تختفي السيادة وتخفى معها القوة البوليسية وتبقى بالتالي الجماعة الشيوعية.
وبذلك يريد "ماركس" أن يضفي على المجتمع الشيوعي طابعا خلقيا، وهو أنه لا يحتاج إلى حراسة خارجية عن ذوات الأفراد، طالما أصبح هناك استقرار نفسي بتحوله إلى مجتمع ذي طبقة واحدة، إذ بذلك يتوفر الإطمئنان، ويرتفع الحقد.
وما يصنعه "ماركس" في هذا التبرير يشبه ما يتميز به المجتمع المؤمن بالله من عدم حاجته إلى حراسة خارجية؛ اكتفاء بأثر الضمير الديني الذي للأفراد.
ويعتقد أيضا -تطبيقا لمبدأ النقيض في مجال الجماعة- أن الشيوعية آتية لا بد منها, وأن الشعب سيضطر لأن يأخذ جانبا في كفاح الطبقات، لإحداث الانقلاب، الذي لا بد منه في المرحلة الأخيرة من مراحل التغير. ودكتاتورية العمال التي يئول إليها الأمر في الجماعة يجب أن تكون منظمة تنظيما محكما، كما يجب أن تكون مختارة من العمال المهرة الذين يعيشون في المناطق التي تسودها الصناعات.
قيمة الماركسية كمذهب فلسفي:
يتضح الآن: أن الماركسية امتداد للصراع بين "الطبيعة والحس" من جانب، وبين "الدين" والميتافيزيقا" من جانب آخر ... إنها صراع فكري بين الله والعقل من جانب، والمادة من جانب آخر ... هي صراع بين قيمة الإنسان والحياة الإنسانية، وبين ما عدا الإنسان والحياة الإنسانية من العالم المحسوس، وقيمة الحياة الحسية ...
هي صراع بين "حرية" الإنسان في أن يتصور، وفي أن يوجه الطبيعة ويرتفع بقوته البشرية فوق قوتها المادية، وبين "جبر" الطبيعة للإنسان وإملائها عليه تكوينه الخاص، وتوجيهه المعين، وهدفه الذي لا ينفك عنه في حياته.
نام کتاب : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي نویسنده : البهي، محمد جلد : 1 صفحه : 284