ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِه} [1] ولا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه كما قال عزوجل {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [2] فإذا كانت الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيها، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد، تبين لك أن الشفاعة كلها لله فاطلبها منه، وقل: اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه في وأمثال هذا. فإن قال النبي صلى الله عليه وسلم أعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله.
فالجواب: أن الله أعطاه الشفاعة، ونهاك عن هذا فقال: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [3] فإن كنت تدعو الله أن يشفع نبيه فيك، فأطعه في قوله: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [4] وأيضا فإن الشفاعة أعطيها غير النبي صلى الله عليه وسلم فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون، أتقول إن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم. فإن قلت هذا، رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكر الله في كتابه، وإن قلت: لا، بطل قولك: أعطاه الله الشفاعة، وأنا أطلبه مما أعطاه) [5].
ويرد الشيخ الإمام على من ألصق بهم فرية إنكار شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: (يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فنقول سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع، صاحب المقام المحمود، نسأل الله رب العرش العظيم أن يشفعه فينا، وأن يحشرنا تحت لوائه. هذا اعتقادنا وهذا الذي مشى عليه السلف الصالح، وهم أحب الناس لنبيهم، وأعظمهم في اتباع شرعه) [6].
ويؤكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أن الشفاعة لا تطلب في الدنيا إلا من الله، فلا تطلب من الأنبياء، أو الأولياء بعد موتهم، يقول رحمه الله:
(والشفاعة حق ولا تطلب في دار الدنيا إلا من الله تعالى كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [7] وقال {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} [8] فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الشفعاء، وآدم فمن دونه تحت لوائه لا يشفع إلا بإذن الله لا يشفع ابتداء بل " يأتي فيخر [1] سورة البقرة آية: 255. [2] سورة آل عمران آية: 85. [3] سورة الجن آية: 18. [4] سورة الجن آية: 18.
5 "مجموعة مؤلفات الشيخ"1/165، 166.
6 "مجموعة مؤلفات الشيخ" 5/48. [7] سورة الجن آية: 18. [8] سورة يونس آية: 106.