ويقول رحمه الله: (ثبوت الشفاعة، وحصول الإذن يوم القيامة مسلم لا ينكره أحد من أهل السنة والجماعة، وأما حصول الإذن الآن بالشفاعة التي تكون يوم القيامة فثبوته غير مسلم) [1].
ويشير الشيخ أحمد بن عيسى إلى أن صرف طلب الشفاعة إلى غير الله من الموتى ونحوهم شرك عظيم.. يقول رحمه الله:
(قد أخبر تعالى أن الشفاعة جميعها له، فمن طلبها من غير الله، فقد طلبها ممن لا يملكها، ولا يسمع ولا يستجيب، وفي غير الوقت الذي تقع فيه، ولا قدرة له عليها إلا برضا ممن هي له، وإذنه فيها وقبوله، فطلبها ممن هي له في دار العمل عبادة من جملة العبادات، وصرف ذلك الطلب لغيره شرك عظيم، ومن تدبر آيات الشفاعة حق التدبر، علم علما يقينيا أنها لا تقع إلا لمن أخلص أعماله كلها لله، واتبع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من توحيده وشرائع دينه، فليس لله من عمل عبده إلا الإخلاص) [2].
ويوضح الشيخ ابن سحمان رحمه الله الحكم في الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقول أثناء رده على الزهاوي:
(قوله ثم إن الوهابية عدوا الاستشفاع إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كفرا مع أن الإجماع منعقد على جوازه. فأقول إن كان أراد بالاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول القائل: اللهم إني أسألك بجاه محمد، أو بحقه، أو حرمته، فهذا القول بدعة محدثة محرمة ولا يكفر الوهابية أحدا بهذا، وإن أراد بالاستشفاع بالنبي بأن يدعوه ويستغيث به كأن يقول رسول الله أغثني، وأدركني، وأنا في حسبك، أو يسأله، أو يطلب منه ما لا يقدرعليه إلا الله، ويتوكل عليه، ويلجأ إليه في جميع. مهماته.. فإن كان أراد هذا فقد ذكر في "الإقناع" من كتب الحنابلة أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم كفر إجماعا..
وأما دعوى انعقاد الإجماع على جوازه فدعوى مجردة، اللهم إلا إجماع عباد القبور، وأولئك ليسوا من أهل الإسلام، فضلا عن أن يجمعوا على الأحكام) [3].
ومما اتفق عليه علماء مكة وعلماء نجد في "البيان المفيد" ما نصه:
("ونعتقد" أن الشفاعة ملك لله وحده ولا تكون إلا لمن أذن الله له {وَلا يَشْفَعُونَ
1 "صيانة الإنسان"، ص45.
2 " الرد على شبهات المستعينين بغير الله" ص 45.
3 "الضياء الشارق" ص156.