إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} 1
ولا يرضى الله إلا عمن اتبع رسله، فنطلبها من الله مالكها، فنقول: اللهم شفع فينا نبيك مثلا، ولا نقول: يا رسول الله اشفع لنا، فذلك لم يرد به كتاب، ولا سنة، ولا عمل سلف، ولا صدر ممن يوثق به من المسلمين، فنبرأ إلى الله أن نتخذ واسطة تقربنا إلى الله، أو تشفع لنا عنده، فنكون ممن قال الله فيهم وقد أقروا بربوبيته، وأشركوا بعبادته {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [2][3].
وقد ساق القصيمي الدلائل على بطلان الاستشفاع بالموتى، نختار منها قوله:
(المستشفعون بالموتى لا بد أن يعتقدوا أنهم قد أعطوا من كمال السمع، والإحاطة بالغيب ما لم يكن لهم، وما لم يكن إلا لله وحده، ولا بد أن يعتقدوا فيهم أيضا أنهم يعلمون الغيوب، ويحيطون علما بالقريب والبعيد.. ولهذا يدعو النبي والولي في الوقت الواحد منهم الداعون الكثيرون المختلفون لغات، ولهجات، وحاجات، ثم لا يشكون أن ذلك النبي، أو الولي يسمع دعاءهم، واستشفاعهم. فإذا كان الاستشفاع بالموتى يلزمه نحلهم هذه الصفات التي لا يمكن أن تعدو رب العالمين، أو نحل بعضها فلا ريب في بطلان هذا الاستشفاع، وفساد عقائد القائلين به) [4].
ثم يقول القصيمي:
(كما أن الله قد ذكر في كتابه إنكار شفاعات المشركين، ونعى عليهم أنواع استشفاعاتهم، فنفى شفاعاتهم جملة، ونعى عليهم استشفاعهم أيضا جملة، وأخبر أن من جملة ضلال القوم، وفساد عقائدهم، ومن جملة شركهم بالله، واستحقاقهم النقمة والمقت، اتخاذهم الشفعاء إليه، وطلبهم الشفاعة من معبوديهم..) [5].
ويقول القصيمي أيضا: (ولا يمكن أيضا أن يقال: إن هذا الاستشفاع المنكر على المشركين هو الاستشفاع المقرون باعتقاد صاحبه بأن ذلك المستشفع به المرجو للشفاعة قديم مع الله مساو له في القدرة والسلطان، وذلك لأن المشركين كانوا مقرين بأن الله وحده هو خالق الخلق وخالق العالم وخالق أصنامهم وشفعائهم وما يعبدون ويدعون من دون الله.
1 سورة الأنبياء آية: 28. [2] سورة يونس آية: 18.
3 "البيان المفيد" ص7.
4 "الصراع بين الإسلام والوثنية" 2/212 باختصار.
5 "الصراع بين الإسلام والوثنية"، 2/279.