وحيث إنه من الواجب متابعة المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب يذكر بذلك فيقول:
(وأما متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فواجب على أمته متابعته في الاعتقادات، والأقوال والأفعال. قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [1] الآية، وقال صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" [2] رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" [3] فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله، فما وافق منها قبل، وما خالف رد على فاعله كائنا من كان..) [4].
وفي جواب للشيخين حسين[5] (ت 1224هـ) وعبد الله ابني الشيخ محمد بن عبد الوهاب حول معنى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا:
(وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله هو أن يطاع فيما أمر، وينتهى عما عنه نهى وزجر، ويكون هو الإمام المتبع، ومن سواه فيؤخذ من كلامه ويترك، فعلى أقواله تعرض الأقوال والأفعال، فما وافق قوله فهو المقبول، وما خالفه فهو المردود..) [6].
ويقول صاحب "التوضيح عن توحيد الخلاق" عن منزلة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:
(وهو الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجة على المعاندين، وحسرة على الكافرين، أرسله بالهدى ودين الحق، الذي هو التوحيد بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فأنعم به على أهل الأرض نعمة لا يستطيعون لها شكورا، فأمده بملائكته المقربين، وأيده بنصره وبالمؤمنين، وأنزل عليه كتابه المبين، الفارق بين الهدى والضلال، فشرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وفرض على العباد طاعته، ومحبته والقيام بحقوقه، وسد الطرق كلها إليه وإلى جنته، فلم يفتح لأحد إلا من طريقه فهو الميزان الراجح الذي على أخلاقه وأعماله وأقواله توزن الأخلاق والأعمال والأقوال.
فلم يزل صلى الله عليه وسلم مشمرا في ذات الله، لا يرده عنه راد، صادعا بأمره لا يصده عنه صاد، إلى أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد، [1] سورة آل عمران آية: 31. [2] صحيح مسلم: كتاب الأقضية (1718) , وسنن ابن ماجه: المقدمة (14) , ومسند أحمد (6/240 ,6/270) . [3] صحيح مسلم: كتاب الأقضية (1718) , ومسند أحمد (6/180 ,6/256) .
4 "الدرر السنية" 1/235، 236. [5] ولد الشيخ حسين بالدرعية وتعلم بها، وكان يؤم المصلين بجامع الدرعية، وتولى القضاء. انظر: "مشاهير علماء نجد" ص 43، "علماء نجد" 1/220.
6 "مجموعة الرسائل والمسائل النجدية" 4/542.