وما أشك فى أن مؤلف هذه السطور كان سجين تصورات وثنية عن حقيقة الألوهية وما ينبغى لها..
وأول ما نستبعده حين نقرأ هذه العبارات أن تكون وحياً، أو شبه وحى..
ومع ذلك فإن اليهود والنصارى يقدسون ذلك الكلام، ويقول أحد القساوسة: " الكتاب المقدس ـ يعنى العهدين معاً ـ هو صوت الجالس على العرش، كل سفر من أسفاره أو اصحاح من اصحاحاته أو آية من آياته هو حديث نطق به الكائن الأعلى! ".
والمرء لا يسعه إلا أن يستغرق فى الضحك وهو يسمع هذا الكلام! إنه إله أبله هذا الذى ينزل وحياً يصف فيه نفسه بالجهل والضعف والطيش والندم.
ونحن المسلمون نعتقد أن الكتاب النازل على موسى برىء من هذا اللغو، أما التوراة الحالية فهى تأليف بشرى سيطرت عليه أمور ثلاثة:
الأول: وصف الله بما لا ينبغى أن يوصف به، وإسقاط صورة ذهنية معتلة على ذاته " سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً ".
الثانى: إبراز بنى إسرائيل وكأنهم محور العالم، وأكسير الحياة، وغاية الوجود.. فهم الشعب المختار للسيادة والقيادة لا يجوز أن ينازعوا فى ذلك.
الثالث: تحقير الأمم الأخرى، وإرخاص حقوقها، وإلحاق أشنع الأوصاف بها وبأنبيائها وقادتها.
وقد تتخلل هذه الأمور بقايا من الوحى الصادق، والتوجيهات المبرأة، بيد أن الأسفار الشائعة الآن تغلب عليها الصبغة التى لاحظناها.
وها نحن أولاء نسوق الأدلة على ما قلنا مكتفين بالشواهد من سفر التكوين وحده، لأن الانتقال إلى غيره يطيل حبل الحديث.
فى هذا السفر أعلن الله ندمه على إغراق الأرض بالطوفان.
وقال لنوح: لن أرتكب هذه الفعلة مرة أخرى! وسأضع علامة تذكرنى بذلك حتى لا أعاود إهلاك الحياة والأحياء، وهاك النص: