وكان لموقفهم هذا من القرآن الكريم، وجهلهم بالحديث، وعدم تحملهم له عن غيرهم، لأنهم كفرة فى نظرهم سبباً فى أن عقائدهم وأحكامهم الفقهية جاءت مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، بل منه ما جاء مخالفاً لنصوص القرآن الكريم.
فمنهم من يرى أن التيمم جائز، ولو على رأس بئر، ومنهم من يرى أن الواجب من الصلاة إنما هو ركعة واحدة بالغداة وأخرى بالعشى، ومنهم من يرى الحج فى جميع شهور السنة، ومنهم من يبيح دم الأطفال والنساء ممن لا ينتمى إلى عسكرهم [1] ، ومنهم من جوز نكاح بنت الابن وبنت الأخ والأخت، ومنهم من أنكر أن تكون سورة يوسف من القرآن، وأن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن عند الله ولو اعتقد الكفر بقلبه، وعظم البلاء بهم وتوسعوا فى معتقدهم الفاسد، فأبطلوا رجم المحصن، وقطعوا يد السارق من الإبط، وأوجبوا الصلاة على الحائض فى حال حيضها، وكفروا من ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إن كان قادراً، وإن لم يكن قادراً فقد ارتكب كبيرة، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر، وكفوا عن أموال أهل الذمة، وعن التعرض لهم مطلقاً، وفتكوا فيمن ينسب إلى الإسلام بالقتل والسبى والنهب، فمنهم من يفعل ذلك مطلقاً بغير دعوة منهم، ومنهم من يدعوا أولاً ثم يفتك [2] ، وغير ذلك الكثير والكثير.
يقول فضيلة الدكتور أبو زهو - رحمه الله -: وهذا مما يدل على جهل عميق حتى بالقرآن الكريم، وأكثر ذلك أتاهم كما قلنا من أنهم لا يعتدون برواية جمهور المسلمين، وكيف يأخذون دينهم عن قوم هم كفار فى نظرهم، وإنما يعتمدون ما رواه لهم أئمتهم، وهم كما قلنا خلو من العلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.، بل خلوا من فهم أحكام القرآن على وجهها الصحيح. [1] انظر: فتح البارى 12 /296، 297 أرقام 6930-6932، وانظر: الفرق بين الفرق للبغدادى ص88، والملل والنحل للشهرستانى 1 /113 - 119، ومقالات الإسلاميين 1 /173. [2] انظر: فتح البارى 12 /297، 298 أرقام 6930 - 6932، وانظر: أصول علم الحديث بين المنهج والمصطلح للدكتور أبو لبابة حسين ص 162-172.