3- والرؤية الفكرية التي تكون بمثابة الرؤية في الغبش، أو في ضوء ضعيف، فهي تكشف بعض ملامح المرئي، وبعض علاماته، وتعطي قدراً من الترجيح الذي يسمح بالحكم القائم على غلبة الظن لا على اليقين.
4- والرؤية الفكرية التي تكون بمثابة الرؤية في وضح النهار، لا لبس فيها ولا غبش، ولا يقع في الذهن أي احتمال آخر مضاد لها، وتعطي الفكر تأكيداً غير قابل للنقض، هي الرؤية الفكرية التي يطلق عليها في اصطلاح الإسلاميين كلمة (يقين) . ويطلق عليها في اصطلاح المعارف المعاصرة كلمة (حقيقة علمية) .
هذا هو سُلّم الإدراك الذهني للمعارف الفكرية، والمغالطون يحاولون كسر الحدود بين درجات هذا السلم، حتى يتفشى بعضها على بعض، ويطغى بعضها على بعض، فتختلط المعارف.
وعندئذ تكون لهم مداخل كثيرة يدخلون منها للتضليل. فيطلقون على الأفكار التي هي من قبيل الأوهام اسم (نظرية) ويطلقون على الأفكار الافتراضية اسم (نظرية) أو (حقيقة علمية) ويطلقون على ما هو في مستوى (النظرية) من أفكار وآراء، اسم (حقيقة علمية) .
وقد يعكسون الأمر، فيطلقون على ما هو ثابت يقيناً بدليل عقلي، أو بخبرٍ ديني يقيني، عبارة (أوهام غير علمية) أو عبارة (النظرية الدينية) أو عبارة (الفرضية الدينية) أو نحو ذلك.