من أخطر وسائل التجهيل المعار تعمُّد الغموض في المعاني، ودلالات الألفاظ المستخدمة في أساليب التعبير، وتعمّد جعلها رجراجة مائعة قابلة للتغير والتبدل والانسياح والزحف، ثمّ استغلال ذلك بمكر عند الرغبة بالتضليل.
بخلاف منهج الإسلام القائم على تحديد المعاني، وتحديد دلالات المصطلحات، وضبط التعريفات ضبطاً تاماً، حتى لا يدخل في المعرّف ما ليس منه، ولا يخرج منه ما هو منه، ويشترط علماء المسلمين في التعريف أن يكون جامعاً مانعاً، أي: جامعاً لكل عناصر المعرّف داخل التعريف، مانعاً من دخول ما ليس منه فيه.
يستغل المضللون - عن طريق لعبة ذكاء شيطاني فيه مكرٌ كُبَّار - ألفاظاً عامةً فضفاضة، قابلة للمط والاتساع، حتى استيعاب دلالة كل منها لأمور متخالفةٍ ومتضادةٍ ومتناقضةٍ أحياناً.
ويكون لكلٍّ من هذه الألفاظ جانبٌ ذو مساحة مقبولة معقولة في حكم إيجابي، من أصل المساحة العامة لدلالته الكلية، أما ما وراء هذه المساحة فيكون على العكس من ذلك، إذ قد يكون أمراً مفروضاً غير مقبول ولا معقول، والأخذ به إيجابياً ضلالةٌ وغيّ، والحكم المنطقي الملائم له هو الحكم السلبي، وقد يكون أمراً لم تثبت بعدُ إيجابيته ولا سلبيَّتُه بدليل صحيح.