responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كواشف زيوف نویسنده : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    جلد : 1  صفحه : 342
وللإيهام بوجود شيء اسمه "العقل الجمعي" استغل "دوركايم" ظاهرة موجودة لدى الجماهير، حين تتحكم بها الحركة الغوغائية، لدى سيرها في موكب جماعي، أو لدى اشتراكها في عمل جماهيري، أو لدى تأثُّرها بعاطفة مشتركة أو انفعالٍ طارئ، إذْ يُعطلّ أفرادها عقولهم، اتكالاً على الجماهير المندفعة في المسيرة الغوغائية. وهكذا يفعل كل واحد منهم، فيعطل فكره، ويتكِّل على الجماهير.

أما واقع الأمر فإن مسيرة الجماهير تكون مسيرة تقليدية اتكالية تبعيّة، وقائدها الحقيقي ربما يكون رجلاً واحداً صاحب هوى، أو رجلاً انفعالياً أرعن، أو مجموعة متحزبة لها مصلحة من استغلال الجماهير المندفعة.
وحين تُسلَب الجماهير إرادتها الخاصة، وتتعطل أفكارها بإلقاء كل واحد منهم التبعة والمسؤولية على الجمع الغفير سواه، فلا بُدّ أن تكون الحصيلة أن الجميع يسيرون بلا إرادة، وبلا تفكير، وبلا عقل.

فإذا انفصل كلُّ واحد منهم عن المسيرة الغوغائية عاد إليه رشده، وعادت إليه إرادته، ونظر إلى الجماهير المندفعة اندفاع القطيع، فاستخف اندفاعها الغوغائي، وتعجّب من نفسه كيف كان واحداً من أفراد هذا الجمع المندفع.

استغلّ "دوركايم" هذه الظاهرة الجزئية، التي لا ترجع مطلقاً إلى ما أسماه "دوركايم" بالعقل الجمعي، الذي هو -كما زعم- خارج عقول الأفراد، وله سلطان جبري على الناس. وإنما ترجع إلى توهُّم كل فرد من الجماعة بأن الآخرين يُعملون عقولهم، فيتكل عليهم، فيعطّل عقله وإرادته، باعتبار أن الموضوع يتعلق بمصلحة الجميع لا بمصلحته وحده، وإذْ يدور هذا التوهم على كل الأفراد فإن حصيلة عقول الجميع وإرادتهم، تكون في الغالب صفراً أو عدداً يسيراً.

وعندئذٍ تكون نزوة البعض هي الحاكمة، أو يتسلل فيهم ذو هوى شيطان فيستغل قوتهم واندفاعهم الغوغائي، لتحقيق ما يريد هو.

نام کتاب : كواشف زيوف نویسنده : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    جلد : 1  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست