1- تفسير فاسد من جهة.
2- وتعميم فاسدٍ من جهة ثانية.
الكاشف الخامس: إن "دوركايم" نفسه يعترف بأن عدداً من قبائل أستراليا قد وصلوا إلى فكرة "الإله الأعلى" أو "الإله الأحد"، وأنه كائن أزليٌّ أبديٌ تسير الشمس والقمر والنجوم بأمره، وأنه هو الذي يثير البرق، ويرسل الصواعق، وإليه يُتوَجّه في الاستسقاء وطلب الصحو، وهو الذي خلق الحيوان والنبات، وصنع الإنسان من الطين، ونفخ فيه الروح، وهو الذي علم الإنسان البيان , وألهمه الصناعات، وشرع له العبادات، وهو الذي يقضي في الناس بعد الموت، فيميز بين المحسن والمسيء.
ثمّ يقرر "دوركايم" نفسه، أن هذه العقائد كلها ليست مقتبسة من أوروبا، كما ظن "تيلور" بل إنها قديمة في هذه القبائل، قبل أن يصل إليها المبشرون الأوروبيّون. وأنهم يعبّرون عن هذه العقائد بعبادات حقيقية، ترفع فيها الأيدي إلى السماء بالدعاء.
هنا نلاحظ أن "دوركايم" أهمل النظر إلى هذه الحقائق التي ذكرها، واعتمد على تفسيرات وهمية سماها هو عبادة، وهي ليست من العبادة في شيء، وقد فعل ذلك ليستكمل صناعة المذهب الذي اخترعه، وأحدث فيه فكرة "العقل الجمعي".
الكاشف السادس: لو افترضنا جدلاً صحة ما ادّعاه "دوركايم" فإنه لا يستلزم أن يكون الدين ظاهرة اجتماعية بحتة.
وذلك لأن الدين يشتمل على عناصر شخصية فردية تماماً، تكون بين الفرد ومعبوده، ويشتمل أيضاً على عناصر اجتماعية.
ولئن كان يمكن للعناصر الاجتماعية أن تكون في بعض أحوالها