ظاهرة اجتماعية يقوم بها الفرد عن طريق الإلزام الجمعي، دون أن يكون له اختيار في تكوينها، فإن العناصر الشخصية الفردية تأبى بطبيعتها أن تكون إلزاماً جمعياً.
وهذا ما استدرك به أنصار آراء "دوركايم" عليه.
إن كل فرد متى خلا لنفسه وشعر بحاجاته وضروراته، وأعوزته الوسائل المادية، تيقظت فطرته الدينية، فلجأ إلى القوة الخالقة الغيبية، التي يرى آثار قدرتها وحكمتها، ولا يشاهد ذاتها، وهنا تكمن الفطرة الدينية في نفوس الناس.
الكاشف السابع: لو كان الدين بما اشتمل عليه في الأديان الربانية، أو الدين الرباني المنزل على الرسل، وبما فيه من سمو ومعارف عظيمة، ثمرة أسباب اجتماعية لا غير، لكانت العلوم، والفنون، والآداب، ومنجزات الحضارات الإنسانية، ثمرة أسباب اجتماعية أيضاً. ولما كان للنبوغ الفردي في أشخاص العباقرة، والمبتكرين، والمخترعين، ومكتشفي قوانين الكون، الذين اعتزلوا مجتمعاتهم للبحث والتأمل، دورٌ فيما أنجزوه، ولكانت أعمالهم ثمرة العقل الجمعي الذي ادعاه "دوركايم" مع أن الواقع بخلاف ذلك تماماً.
الكاشف الثامن: إن دراسة ظاهرة الدين بالاستناد إلى دوافع الفطرة التي تتفجر عند صفائها، وعند ضروراتها، هي الدراسة التي تكشف بحقٍّ أصول الدين في النفوس الإنسانية.
ثمّ إن دراسة ظاهرة الدين بالاستناد إلى واقع الأديان الكبرى، وما اشتملت عليه من اعتماد على ظاهرة الوحي، الذي يبلغه رجال ممتازون من الناس، متحلون بصفات تؤهلهم لأن يكونوا رسلاً مصطفين من عند الله، هي الدراسة المنهجية السديدة، التي يجب اتباعها ويقضي الإنصاف العلمي باتخاذها منهجاً.
وتفسير قضية الإيمان بالله واليوم الآخر، بأنها قضية منطق العقل