معنويٌّ، نَاهٍ، محاسب، ينذر من ينتهكها بالبطش والعقاب، وهذا هو معنى الإله ...
وصورة هذا الحارس ضرورية للحياة، وإن لم تكن وليدة التفكير المنطقي، بل هي من عمل الواهمة أو المتخيّلة، التي تشخّص المعنويات، وتجسّم المجرّدات. فهي وَهْمٌ تفرضه الحياة، ومن أجل ذلك وُجدت الملكة الوهمية في طبيعة الإنسان، التي تصنع الخرافات النافعة.
الثاني: أن ميدان الأعمال اليومية فيه فراغ نفسي عميق، لا يملؤه إلا العقيدة الإلهية.
فكل ذي حاجةٍ ينتظرها وهو لا يدري ما قُدِّر له من النجاح أو الإخفاق، لو تأمَّل بعقله، وقاس أعماله بمقدار نتائجها المحققة أو الغالبة، لقعد عن السعي، ولتوقفت حركة الحياة.
غير أن دفعة الحياة حركة تأبى الوقوف والجمود، فكان لا بد لها من ثقل تضعه في الكفة الأخرى من الميزان النفسي، لترجّح به جانب العمل، رغم كلّ تفسير وحساب، وما ذاك إلا الأمل تبعثه، والاعتماد على الحظ المحتمل تُقدِّره، ولا تزال تحث وتشجع، حتى تصور أمام النفس إرادة خفيَّة يركن القلب إليها، ويعتمد عليها، وتلك هي إرادة الإله المستعان.
هكذا لخص الدكتور "دراز" فكرة "برجسون"، وهكذا نلاحظ أنه جعل العقيدة بوجود رب خالق مهيمن من صناعة الوهم النفسي.
كشف الزيف
الكاشف الأول: إن الفطرة الإنسانية التي تتجه لقضية الإيمان بالقوة الغيبية الخلاقة القادرة على تحقيق الأمن عند المخاوف، والإسعاف بالمطالب عند الضرورات الملجئة، لا يجوز عقلاً اتجاهها عملاً وهمياً، يصنعُ الخرافة لتحصيل الأمن، ثمّ يسمح بأن تستمر الخرافة جاثمة على النفس مدى الحياة رغم منطق العقل.