الأمر الأول: إن اتجاه الفطرة يعتبر منبّهاً للعقل. حتى يبصر طريقه، فيأخذ بأسباب الأمن، إذْ قضية الإيمان بالله بعد التنبيه تغدو قضية عقلية، لا مجرّد، اندفاع غرزي فطريّ آني.
الأمر الثاني: إن من الملاحظ بصفة عامة، أن كلّ دوافع الفطرة السليمة، وكل اتجاهات الغرائز حينما تكون بوضعها الفطري السويّ قبل أن تفسد بالعوامل الطارئة، تطابق العقل ومنطقه، بعد كل تجاربه واختباراته، ورؤيته المنطقيّة السليمة.
ألا نشاهد في الواقع الإنساني أن معظم الفطر الإنسانية تتجه اتجاهات فيها تحقيق النفع من جهة، وهي في الوقت نفسه أفضل طريقة منطقية، ومطابقة للواقع والحقيقة من جهة ثانية؟.
وحينما يحاول العلماء الوصول إلى حقيقة كاملة لها في الطبيعة الموجودة أمثلة وأفراد، فإنهم يتجهون لدراسة هذه الطبيعة، من خلال الموجودات واتجاهاتها الغرزية السويّة، ليصلوا إلى الحق، وعندئذٍ يرون التطابق تاماً بين الغرائز وفطر الكائنات وبين منطق العقل، بشرط أن تكون هذه الغرائز والفِطَر على وضعها السويّ الذي فطرها الله عليه، ولم تفسد بالأوهام وإرادات الناس، والتطبّع المكتسب.
الأمر الثالث: من الملاحظ دائماً في سلوك الناس، أن الخطأ والفساد إنما يأتيان من الأوهام، لا من منطق العقل، ودلائل التجربة التي تسير وفق طبائع الأشياء.
وقصة المرأة صاحبة المصعد لو صحّت فإنها لا تشبه بحال من الأحوال ظاهرة الدين.
إن المرأة تصورت- بحسب الدعوى المطروحة - تصوراً خاطئاً كان به إنقاذها، لكنها بعد لحظات صحت فعاد إليها رشدها، وأبصرت بعقلها الواعي الحقيقة، وعرفت أنها كانت مخطئة.