وذلك بحسب أفكاره الخاصة، وأنه ليس لأحد أن يوجّه النصح له، قال يخاطب "ماتيو":
"إنك تستطيع أن تفعل ما تريد، وليس ثمة من له الحق في توجيه النصح إليك، وليس في نظرك شرٌ وخير إلا إذا خلقتهما ... ".
إذن: فليفعل الإنسان أية جريمة، وليرتكب أي عمل قبيح، وله بعد ذلك أن يعتبر ما فعل خيراً لا شر فيه، وليس من حق أي أحدٍ أن يحاكمه، أو يؤاخذه على ما فعل.
هل يحتاج قول "سارتر" هذا إلى تفكير عميق، أو إلى تحليل دقيق، لمعرفة دعوته إلى ارتكاب أية جريمة، وفعل أي شر، دون أن يشعر مرتكب ذلك بأي تأنيب من ضميره ووجدانه؟.
إنه يلغي بأقواله المدمرة فكرتي الخير والشر مطلقاً، إذ يجعلهما من خلق الإنسان نفسه.
وظاهرة أن كل إنسان يملك وفق هذا التضليل أن يعتبر بحسب مزاجه ومصلحته الخاصة أي أمر قبيح خيراً، وأي أمر حسن شراً، في حين قد يعكس غيره الأمر، لأن مزاجه ومصلحته الخاصة قد تلاءما مع العكس.
إذن: فلا مفهوم للخير يمكن أن يحصل اتفاقٌ عليه، ولا مفهوم للشرّ يمكن أن يحصل اتفاق عليه.
إذن: فلا شيء اسمه خير أو شر مطلقاً.
هكذا يريد "سارتر". يريد إبطال الحقائق من جذورها بعبثه الفكري، الذي زعمه مذهباً فلسفياً.
4- ونمت الفردية الأنانية لدى "سارتر" انسجاماً مع وجوديته الملحدة، حتى جعل الحب نوعاً من أنواع سلب الناس بعضهم لبعض.
فالفرد في رأيه بحاجة إلى الحب في سبيل رفع قيمة ذاته عن طريق الآخر، وفي سبيل رفع قيمة ذاته لأنه يوجد إنسان آخر يقدّره.