المسؤولية إما أن تكون أمام الله، أو أمام المجتمع، أو أما ضمير ذاتي مثالي يحكم على أعمال الذات.
لكن "سارتر" أنكر الخالق فلا مسؤولية تجاهه. وأنكر أيضاً الضمير الذاتي المثالي، لأن وجوديته تقرر أن الواقع يكون أولاً، ثمّ تكون الفكرة عنه، لا أن الفكر يكون أولاً بالحكم على ما يمكن أن يكون، ثمّ يكون الواقع، إذ هو لا يعترف بشيء من الفرضيات الذهنية السابقة للوجود على أنها ذات تأثير في الوجود. وأما المجتمع فلا دخل له، ما دام الإنسان بمفرده هو الذي يضع مقاييس الحق والخير والجمال.
إذن لم يبق شيء يعتبر الإنسان مسؤولاً عنه في فلسفته الخرافية.
لكن الإنسان هو مع ذلك في نظره مسؤول، فوقع "سارتر" في التناقض المفضوح، فقال:
" نحن لا نعمل ما نريد، ونحن مع ذلك مسؤولون عما نحن كائنون، هذا هو الواقع".
قال "بول فولكييه":
"وهذا واقع متناقض، محال، لا هو مفهوم، ولا هو معقول".
لقد وقع "سارتر" برأيه هذا في الجبرية الخرافية، إذ فر من قضية الإيمان بالخالق وحكمته، وخلقه الإنسان حراً مكلفاً، ليكون مسؤولاً عن أعماله تجاهه.
ولو أنه آمن بالله حقاً، لأدرك أن الإنسان خُلقَ مختاراً، ليمتحن في حدود اختياره، ثمّ ليحاسب ويجازى يوم الدين.
وإذ زعم "سارتر" أن الإنسان هو الذي يخلق الخير والشر بنفسه،