وحذف من التصور قسم "مستحيل الوجود عقلاً" فلم يتعرض له، لأن إثبات مستحيل الوجود يجر إلى إثبات واجب الوجود حتماً.
ثمّ جاء إلى قسم "ممكن الوجود" والذي ينطبق على الكون وما يجري فيه، وكل ما يمكن عقلا أن يحدث.
فألغى من هذا القسم وصف "الإمكان". فبقي شيء اسمه "الوجود" دون وصف، وإذ قد ارتفع منه الإمكان، فقد صار أمراً واجباً لا إمكان فيه ما دام قد وُجد.
آراء تخيلها وادعاها، ولم يُقِم عليها أي دليل. وهدفه أن يحجب أفكار المستجيبين لآرائه عن كل تفكير في الإمكان القائم في الكون، حتى لا يجرهم ذلك إلى الضرورة العقلية التي تلزمهم بإثباتٍ أزلي أبدي واجب الوجود، به تحوّلت الممكنات من العدم إلى الوجود، ولولاه لكانت إمكاناتها متكافئة القوة في جانب العدم، فلم يستطع أحد منها أن يغلب أكفاءه فيظهر إلى عالم الوجود.
وحين ألغى "سارتر" صفة "الإمكان" وأبقى صفة "الوجود" وحدها، اعترضته مشكلة أفكار الناس وتصوراتهم، القادرة على تخيّل أمور ممكنة غير موجودة، وبناء عليها يحاولون اختراع أشياء وصور جديدة بالتغيير والتحويل في مادّة الكون، وذلك يجر إلى إثبات الموجود الأول بعد عدة مراحل فكرية، وهو الأزلي الأبدي الخالق، الذي يرجع إليه تخصيص الممكنات ببعض إمكاناتها، وإخراجها بإرادته وقدرته من العدم، وهذا ما يحذره في فلسفته أشد الحذر.
فكان عليه أن يزعم أن الفكر مشاعر متغيرة غير ثابتة، ولا ماهيّة لها، وأن الأشياء توجد أوّلاً في الواقع، والذهن بعد ذلك يصنع ماهيتها. إلى آخر ما قدم من ادعاءات خارجة عن دوائر المعقولات التي تهضمها العقول، أو تستسيغها قبل هضمها.