أليس هكذا يفعل الخياط والحداد والنجار والحذاء والطباخ وكل عامل، وكل صانع؟!.
لقد ألغى كل هذا مع أنه من بدهيات الأمور، وادعى خلافه، ووضعه في قوالب ألفاظ فلسفية (وجود - إمكان - ماهية - في ذاته - لذاته - مشروع وجود - تغير مستمر - نزوع للمستقبل - تنصل من الماضي) إيهاماً وتلبيساً.
لكنّ أفكاره التخريفية لا يقبلها ذو ميزان عقلي لا يزال على فطرته التي فطره الله عليها، لم يُصب بخلل الزيوف الفلسفية القائمة على مُعَمَّيَاتٍ من مصطلحات لفظيّة يحسبها الجاهل شيئاً، كما يحسب الظمآن السراب ماءً.
إنه ذو هدف من إلغائه قيمة الفكر المخطط، لما يريد الإنسان عمله فيما يأتي، فهذه الحقيقة متى وضحت للإنسان واستقرّت في نفسه، استطاع أن يتخذ منها دليلاً هادياً، فإذا رأى صنعة متقنة هداه فكره إلى صانعها المتقن، إذ هي نتاج فكره وعمله.
لكن "سارتر" يريد أن يصرف قراءه عن ملاحظة صفة الإتقان العجيب المعجز في خلق السماوات والأرض، وما فيهما من ظاهرة الحياة العجيبة، وخلق الإنسان قمة عجائب الخلق، حتى لا يتنبه الفكر إلى أن الإتقان في هذا الكون إنما هو أثر لصفات خالق قادر عليم حكيم يتقن ما يخلق، فهو الذي قدّر وقضى، وخلق على وفق مقاديره الحكيمة، وهو سبحانه يدير كل أمر بحكمته العظيمة، وحتى لا يتنبه الفكر إلى أن هذه المتقناتِ الكونية لا يمكن أن توجد وجوداً تلقائياً من ذاتها، بعد أن كانت في طي العدم، دون