نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 163
أمة بلغ الفساد فيها مبلغه، ولا تصلح لإقامة دعوة تريد أن تعبد بناء أمة وصلت إلى درجة الغثاء!
* * *
التربية الروحية ضرورة لا غنى عنها في البناء. بل لا يتصور أن يقوم بدونها عمل دعوى على الإطلاق، إذا عنينا بالتربية الروحية تعميق الصلة بالله، وترقيق القلب لعبادته سبحانه، وتذكير الإنسان باليوم الآخر، وربط مشاعره بالموقف الذي يلقى الله فيه. وقد كان هذا جزءاً بارزاً وأساسياً من عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه رضوان الله عليهم في مكة خاصة، حين فرض عليهم قيام الليل لتعميق هذه الصلة وتثبيتها وترسيخها. ولكن هذا كله كان إعداداً لأمر آخر، ولم يكن هو في ذاته الغاية!
والمتأمل في سورة المزمل: يتبين أنه مع الأمر بقيام الليل كانت هناك إشارة واضحة إلى تكاليف قادمة، جعل قيام الليل توطئة لها، وإعداداً للقيام بها: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (المزمل: 1-5) .
كما يتبين المتأمل حكمة الله جل وعلا في اختيار قيام الليل ليكون أداة للتهيئة المطلوبة: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (المزمل: 6) ، أي أعمق أثراً في تهيئة النفوس لاحتمال التكاليف.
وخلاصة الأمر أنه لا بد من تعميق الصلة بالله سبحانه وتعالى ليقوم الإنسان بحمل التكاليف التي يفرضها هذا الدين على الوجه الأكمل، وأخصها الجهاد، والصبر على الابتلاء. أما حين تكون التربية الروحية غاية في ذاتها، أو حين تكون هي نهاية الشوط في عملية التربية فماذا يكون؟! يكون - والتشبيه مع فارق قليل- كالجندي الذي تدربه على فنون القتال، وليس في نيتك أن ترسله إلى المعركة قط! أو كالأساس الذي تدكه دكا متيناً وليس في نيتك أن تقيم عليه أي بناء!
إن هذا الدين شأنه عظيم. إنه المنهج الرباني لإصلاح الحياة كلها، وإنشاء
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 163