نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 164
الإنسان الصالح، الذي يقوم بالخلافة الراشدة في الأرض. إنه ليس مجرد سبحات روحية وإشراقات، مهما يكن من عمق هذه السبحات، ووضاءة تلك الإشراقات. إنه جهد وجهاد، وصراع حاد مع الباطل، وإيجابية بناءة تهدم الباطل وتشيد الحق. والتربية الروحية زاد لهذا كله، وليست هي غاية الغايات.
إن الإنسان في حلبة الصراع يجهد ويتعب، ويحتاج إلى سند يقويه، يمنعه من السقوط، ويمنع عنه الوهن الذي قد يعتريه، وهنا تبرز تلك الطاقة الروحية تقيه من الوهن، وتقويه على الصمود، بما تمده من طاقة، وتشع في كيانه من نور.
والإنسان في حلبة الصراع قد يستوحش، حين يتكاثر عليه الأعداء، ويجد نفسه وحده، أو يجد من حوله مستضعفين مثله لا يملكون نصره، وهنا تبرز تلك الطاقة الروحية تؤنسه بذكر الله فلا يستوحش، وتذكره بالثمرة الجنية في اليوم الآخر فيجد في السعي.
والإنسان في حلبة الصراع قد يفتقد المتاع الحسي، والأهل والأصحاب، والفراش الوثير، والطعام الوفير، فتحن نفسه لذلك كله، أو لشيء منه، فيثاقل إلى الأرض، وهنا تبرز الطاقة الروحية توازن في حسه ثقلة الأرض، وتعوضه عن حرمانه بمتاع أعله: معية الله، ورضوان الله، والجنة.
إنها الزاد الذي يحتاج إليه المسافر ليقطع الرحلة في أمان. فأما إن كان قاعداً لا يتحرك فما قيمة الزاد!
هل تغير التربية الروحية - وحدها - من واقع الأمة الهابط إلى الحضيض؟
حقاً إنها تنقذ أفراداً من الضياع القاتل، وتبني لهم سياجاً يحميهم من المهلكات، ولكنها لا تنقذ الأمة من الضياع لأنها لا تدفع بجنود إلى حلبة الصراع، ولا تشارك في التدافع الذي قال الله إنه هو الأداة الربانية لحفظ الأرض من الفساد: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة: 251) .
* * *
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 164