responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 21
إنه -من جهة- حق الإله الحقيقي على عباده، وليس حق الآلهة المدعاة، فبما أنه هو الخالق فهو -سبحانه- صاحب الأمر: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [1].
ثم إنه -من جهة أخرى- حق العليم الخبير، وليس حق الجهال المحدودي الآفاق: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [2].
وفي عقيدة التوحيد تكون الحاكمية- أي: حق التحليل والتحريم والإباحة والمنع- لله وحده ودون شريك.
وفي الجاهلية تكون الحاكمية للبشر مع الله، بخلط شيء من التشريع الإلهي مع شيء من التشريع البشري، أو من دون الله، بنبذ التشريع الرباني جملة واتخاذ شرائع كلها من صنع البشر، سواء كان البشر فردا حاكما بأمره، أو فردا حاكما بمشورة طائفة غيره من البشر، أو كانوا كل البشر على السواء ... وكل ذلك إشراك مع الله وكفر بالله[3].
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [4].
{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [5].
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [6].
ويختلف الأمر اختلافا بينا ما بين عقيدة التوحيد، التي تجعل الحاكمية لله، وعقائد الشرك والكفر التي تجعل الحاكمية للبشر مع الله أو من دون الله.
يختلف أولا من ناحية الكرامة البشرية، ويختلف ثانيا من ناحية الواقع البشري. فأما من ناحية الكرامة البشرية ففي عقيدة التوحيد، التي تجعل الحاكمية لله، يكون الناس عبيدا لله وحده -وهو الكريم المكرم- متحررين من كل عبودية لغير الله، مستعلين بوجودهم على الطواغيت. وفي عقائد الشرك

[1] سورة الأعراف: 54.
[2] سورة البقرة: 216.
[3] في ظل الإسلام يجتهد البشر "المؤمنون" فيما لا نص فيه. ولكن هذا ليس تشريعا من عند أنفسهم، فهم إنما يجتهدون فيما أذن الله لهم أن يجتهدوا فيه، ولولا إذن الله لهم ما كان لهم أن يجتهدوا ولا يضعوا الأحكام، فهم -بهذا الإذن- يضعون الأحكام ولكنهم لا يشاركون في الحاكمية التي هي حق التحليل والتحريم والإباحة والمنع، وفضلا عن ذلك فإن الاجتهاد محكوم بالأصول العامة للشريعة لا يخرج عن إطارها.
[4] سورة الشورى: 21.
[5] سورة الأعراف: 3.
[6] سورة المائدة: 44.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست