responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 22
والكفر، التي تجعل الحاكمية للبشر مع الله أو من دون الله. يكون بعض البشر أربابا وهم المالكون المسيطرون المشرعون، وبعضهم عبيدا لأولئك الأرباب، وهم الذين يقع عليهم سلطان الطواغيت.
وأما من ناحية الواقع البشري فالعدل والرشد هو طابع الحياة في ظل عقيدة التوحيد التي تجعل الحاكمية لله، والظلم والتخبط هو طابع الحياة في ظل عقائد الشرك والكفر التي تجعل الحاكمية للبشر مع الله أو من دون الله.
فأما الظلم فينشأ -دائما- في الجاهلية من كون الذين يشرعون سواء كانوا فردا أو طبقة[1] يشرعون لمصلحتهم الخاصة على حساب مصالح الآخرين.
وأما التخبط فينشأ من عجز البشر عن الإحاطة بالأمر من كل جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والمادية والروحية.. إلخ، وعن رؤية النتائج المستقبلة المترتبة على أعمالهم الحاضرة. فمهما قدروا وتخيلوا فإن الواقع العملي يأتي دائما مخالفا لما قدروه وتخيلوه في بعض جوانبه أو في كل جوانبه، وتنبت دائما مشاكل جديدة من الحلول المبتسرة التي يواجهون بها مشاكلهم، لم تكن في حسبان الذين وضعوا هذه الحلول. وهكذا تظل الحلقة المفرغة: مشكلات قائمة، وحلول مبتسرة تنبت منها مشكلات جديدة توضع لها حلول مبتسرة جديدة! وهذا إذا أحسنا الظن بواضعي الحلول وافترضنا أنهم مخلصون في وضع ما يضعون من حلول وأنهم لا يخططون لإيقاع البشرية في الخبال لغايات شريرة[2].
بينما تقوم شريعة الله على العدل؛ لأن الله -سبحانه- ليست له مصلحة ذاتية يطلبها من وراء تلك الشريعة، وهو الغني الحميد، مالك الملك كله الذي لا تنفد خزائنه. إنما يريد الله الخير لعباده والبر بهم والزكاة والطهر والنظافة والارتفاع.
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [3].
كما أن شريعة الله تتسم بالرشد؛ لأن منزلها -سبحانه وتعالى- هو اللطيف

[1] لا يوجد في الواقع فرد واحد يحكم بمفرده، إنما يكون الحاكم دائما طبقة يمثلها فرد أو أفراد.
[2] سيأتي فيما بعد حديث عن دور اليهود في إفساد أوروبا.
[3] سورة النساء: 27.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست