نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 24
إذا علمنا ذلك كله، وهو من بديهيات الدين المنزل من عند الله، استطعنا أن ندرك مدى التحريف البشع الذي أحدثته الكنيسة في دين الله المنزل على عيسى ابن مريم، سواء في تشويه العقيدة بقضية التثليث وتأليه عيسى عليه السلام، أو بفضل العقيدة في ذلك الدين عن الشريعة، وتقديمه للناس عقيدة منفصلة خلوا من التشريع إلا القليل، واستطعنا أن ندرك مدى الشرك -في العقيدة والاتباع معا- الذي أدخلته الكنيسة على دين التوحيد الذي يلتقي فيه الرسل جميعا من أولهم إلى خاتمهم عليه الصلاة والسلام.
{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [1].
ذلك الشرك الذي أشار القرآن إلى أحد طرفيه في هاتين الآيتين:
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [2].
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [3].
وأشار إلى طرفيه معا في هاتين الآيتين:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [4].
وأخيرا نستطيع أن ندرك أن ذلك الدين -بصورته المشوهة تلك- لم يكن صالحا للحياة.
ومع ذلك فإن الكنيسة ورجالها لم يكتفوا بهذه الخطيئة الكبرى في حق الدين السماوي، إنما أضافت إليها خطايا أخرى ومنكرات! [1] سورة الشورى: 13. [2] سورة المائدة: 72. [3] سورة المائدة: 73. [4] سورة التوبة:30, 31.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 24