نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 28
ما تحله على الأرض يكون محلولا في السموات[1] وأنه قال: "إني أهب سلطاني لكنيستي".
ورتبت الكنيسة على هذا الزعم أن المكان الذي مات فيه بطرس -وهو روما- لا بد أن يكون مقرا للنفوذ الديني الذي يبسط ذراعيه على الأرض كلها ممثلا في الكنيسة، وأن ما تقوله الكنيسة -وعلى رأسها البابا- واجب الطاعة لأنه من أمر الله.
ولكن القضية كلها قائمة على أساسين واهيين هاويين:
قائمة على أساس أن المسيح عليه السلام ذو طبيعتين: إحداهما لاهوتية والأخرى ناسوتية، ومن ثم فهو إله وبشر في ذات الوقت، وهو على هذه الهيئة وسيط بين البشر ذوي الطبيعة الناسوتية الخالصة والإله ذي الطبيعة اللاهوتية الخالصة!! فهو ليس رسولا يبلغ وحي الله للناس -كما هو في الحقيقة- إنما هو حلقة وسيطة تمر بها مشاعر الناس وأعمالهم لكي تصل إلى الله، كما تمر من خلاله كلمة الله إلى الناس!
وقائمة -من بعد- على أساس أن الكنيسة هي وريثة المسيح، ومن ثم فإن لها ذات الوضع وذات السلطان الذي كان للمسيح، فهي مقدسة، "وقداسة" البابا -ومن يكل الأمر إليهم من الكرادلة وغيرهم- هم الوسطاء الذين تمر بهم مشاعر الناس وأعمالهم لكي تصل إلى الله، كما تمر من خلالهم كلمة الله إلى الناس!!
وكلا الأمرين لا يقوم على أساس في دين الله..
فالرسل في دين الله هم رسل فحسب.
{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [2].
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [3].
{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [4].
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ [1] إنجيل متى، الإصحاح السادس عشر: 19, 20. [2] سورة الإسراء: 93. [3] سورة آل عمران: 144. [4] سورة الأنعام: 50.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 28