responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 51
تفصل بين هاتين النزعتين الفطريتين المتكاملتين وتقول للناس: إن أردتم الدين فاتركوا العلم.. ومن أراد العلم فقد خرج على الدين! فتخير الناس بين حاجتين فطريتين لا تغني إحداهما غناء الأخرى، ولا يسد إشباع أيهما جوعة الثانية!
وهل كانت هناك نتيجة منتظرة من هذا الموقف إلا أن يترك الناس ذلك الدين الذي يحجبهم عن العلم ويحجر عليه، وأن يسيروا مع العلم في تياره الزاخر الذي يأتي كل يوم بجديد، وإن كانوا مع ذلك لا ينجون من القلق والاضطراب؟!!
على أن الشر لم يقف عند هذا الحد -وهو بشع في ذاته- لم يقف عند هجر الدين من أجل العلم، بل وصل إلى كراهية الدين والنفور منه، ونفيه نفيًا باتا من مجال البحث العلمي على وجه الخصوص.
لا تجد في الجاهلية المعاصرة حقيقة علمية واحدة تسند بإرجاعها إلى أصل ديني! بل على العكس. مجرد ذكر الدين أو الله -سبحانه وتعالى- في مجال البحث العلمي كفيل -عندهم- بالشك في الحقيقة العلمية، أو باستهجان المنهج على الأقل؛ لأنه منهج غير علمي!! كفيل بإثارة الامتعاض في جميع الأحوال!
وصدق الله العظيم: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [1].
وإقامة التصور -في أي مجال من مجالات البحث- على أساس المفهوم الديني هو عندهم هدم للمنهج العلمي وتشويه له، وإعطاء حصيلة محوطة بالشك ولو كانت كل الأدلة تؤيدها! وخذ مثالًا لهذا الموقف المعادي للدين ولو كانت الحقائق العلمية متفقة معه ومؤكدة له قول جوليان هكسلي في كتاب "الإنسان في العالم الحديث": Man in the Modern World
"وهكذا يضع العلم الحديث الإنسان في مركز مماثل لما أنعم به عليه كسيد المخلوقات كما تقول الأديان.. ولم تكن وجهة النظر الدينية صحيحة في تفاصيلها أو في كثير مما تضمنته.. ولكن كان لها أساس جيولوجي متين"2!

[1] سورة الزمر: 45.
2 من فصل "تفرد الإنسان" ص36 من الترجمة العربية لحسن خطاب.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست